لقد فتح تمركز المسلمين في المدينة فصلا جديدا في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله .
فقد كان صلىاللهعليهوآله قبل دخوله المدينة لا يهمّه إلاّ جذب القلوب والدعوة إلى دينه ، ولكنه اليوم عليه أن يعمل ـ كصاحب دولة محنّك ـ على حفظ كيانه وكيان جماعته ، ولا يسمح للأعداء الداخليين والخارجيين بالتسلّل والنفوذ في صفوفهم ، ولكنه كان يواجه في هذا السبيل ثلاث مشاكل كبرى :
١ ـ خطر قريش وعامة الوثنيين في شبه الجزيرة العربية.
٢ ـ خطر يهود يثرب الذين كانوا يقطنون داخل أو خارج المدينة ويمتلكون ثروة كبيرة.
٣ ـ الاختلاف الذي كان بين أتباعه من المهاجرين وبين الأوس والخزرج.
وحيث إن المهاجرين والانصار قد نشئوا في بيئتين مختلفتين ، لهذا كان من الطبيعي أن يختلفوا في طريقة المعاشرة ، وآداب السلوك ، واسلوب التفكير اختلافا كبيرا.
هذا مضافا إلى أن الأوس والخزرج الذين كانوا يشكّلون جماعة الأنصار كانوا هم يعانون من رواسب عداء قديم وبقايا ضغائن نشأت خلال حروب موية طويلة استغرقت مائة وعشرين سنة بلا انقطاع.
ومع وجود مثل هذه التناقضات والأخطار المحتملة لم يكن مواصلة الحياة الدينية ، والسياسية المستقرة أمرا ممكنا قط.
ولكن رسول الله صلىاللهعليهوآله تغلّب على كل هذه المشكلات بطريقة حكيمة ، غاية في الحنكة والابداع.
فبالنسبة إلى المشكلتين الأوليين فقد عالجهما بالقيام بأعمال سيأتي ذكرها في المستقبل.
وأما بالنسبة إلى مشكلة التناقضات بين فئات وأصناف جماعته فقد عالج