كل واحد منهما أنا قتلته ، فقال عبد الله بن عمرو : ليطيب به أحدكما نفسا لصاحبه فاني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : تقتله الفئة الباغية قال معاوية : فما بالك معنا؟ قال : ان أبي شكاني إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : اطع أباك ما دام حيا ، ولا تعصه ، فأنا معكم ولست اقاتل (١).
إن اعتذار « عبد الله بن عمرو بن العاص » يشبه تأويل ابن كثير الشامي الذي يقول : إن معاوية قاتل « عليا » في صفين اجتهادا وايمانا ، وإن أخطأ في اجتهاده ، وذلك لأن إطاعة الوالد واجبة ما لم تجر الى مخالفة الشرع ، فهذا هو القرآن الكريم يقول :
« وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما » (٢).
كما ان الاجتهاد إنما يصح إذا لم يكن في المقام نصّ صريح ، ورد عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولهذا كان اجتهاد معاوية وعمرو بن العاص وامثالهما باطلا مرفوضا ، لكونه في مقابلة النصّ النبويّ.
ولو أننا فتحنا باب الاجتهاد هكذا بدون أية ضوابط لكان جميع المشركين والمنافقين معذورين في معارضتهم ، ومحاربتهم لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، كما لا بدّ ـ حينئذ ـ أن نقول : إن يزيد والحجاج وأشباههما كانوا معذورين في سيفكهم لدماء الأئمة المعصومين ، والصالحين من المسلمين ، بل ومأجورين في عملهم هذا.
انتهى النبيّ صلىاللهعليهوآله والمسلمون من بناء المسجد ، وظل يوسّع فيه كل عام شيئا فشيئا.
وقد بني الى جانب المسجد صفة ليسكن فيها الفقراء والمهاجرون المحرومون.
وكلّف « عبادة بن الصامت » بأن يعلّمهم الكتابة ، وقراءة القرآن.
__________________
(١) مسند احمد بن حنبل : ج ٢ ص ١٦٤ و ١٦٥.
(٢) العنكبوت : ٨.