يائسة لتحقيق مآربهم.
وقبل ان تدخل قوات الاسلام مكة كان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد دعا جميع قادة وامراء جيشه وقال لهم بانه يريد ان يفتح مكة من دون إراقة أيّة دماء ، ولهذا امرهم ان لا يقاتلوا إلاّ من قاتلهم ، إلاّ أنه أمر بقتل عشرة وان وجدوا تحت أستار الكعبة وهم : « عكرمة بن أبي جهل » و « هبار بن الاسود » و « عبد الله بن أبي سرح » و « مقيس بن حبابة الكندي » و « الحويرث بن نقيذ » و « عبد الله بن خطل » و « صفوان بن أميّة » و « وحشي بن حرب » قاتل حمزة.
و « عبد الله بن الزبعرى » و « حارث بن طلالة » واربع نسوة وكان كل واحد من هؤلاء قد قتل أحدا او ارتكب جناية أو شارك في مؤامرة او حرب ضدّ الاسلام والمسلمين (١).
وقد بلغ الأمراء والقادة هذا الأمر إلى جنودهم كافة ، ومع أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يعرف مسبّقا بمعنويات المكيين المنهارة ، وعدم قدرتهم على المقاومة ، إلا أنه ـ مع ذلك ـ لم يترك جانب الاحتياط والحذر الذي يفرضه العمل العسكري ، عند دخول مكة ، حيث رسم لدخولها خطة دقيقة.
فقد وصل رسول الله صلىاللهعليهوآله بجيشه كله إلى « ذي طوى » ( وهو موضع مرتفع كانت ترى منه بيوت مكة ومنازلها ) وهو في كتيبة قوامها خمسة آلاف ، فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله منازل مكة اغرورقت عيناه بدموع الشوق والحنين ، فانحنى تواضعا لله تعالى وشكرا ، حتى رأى ما رأى من فتح الله ، وكثرة المسلمين حتى مسّت لحيته الشريفة واسطة الرجل أو يقرب منه.
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤١٠ ، تاريخ الخميس : ج ٢ ص ٩٠ ـ ٩٤ وقد ذكر صاحب تاريخ الخميس تفاصيل ما ارتكبه هذه الجماعة المهدورة دماؤها وما آل إليه أمرهم بعد فتح مكة.