رجلا بقيادة « أبي سلمة » الى منطقة تجمع المتآمرين.
ثم إنه صلىاللهعليهوآله أوصاهم بأن يخفوا مقصدهم الأصلي ، ويسلكوا طريقا آخر غير الطريق المتعارف ، ويقيموا نهارا ويسيروا ليلا ، ليعمّوا على القوم.
وقد فعل « أبو سلمة » وجماعته ما أوصاهم به رسول الله صلىاللهعليهوآله فكانوا يسيرون الليل ، ويكتمون النهار ، حتى وردوا المنطقة فاحاطوا ببني أسد في عماية الصبح ، وقضوا على المؤامرة في مهدها ، وعادوا غانمين موفورين إلى المدينة ، وقد وقعت هذه الحادثة في شهر المحرّم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من الهجرة (١).
كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقوم بافشال بارسال السرايا والمجموعات العسكرية جميع مؤامرات المتآمرين ضد الاسلام ، كما أنه كان يقوم الى جانب ذلك ببعث المجموعات التبليغية الى القبائل ، والجماعات وبذلك يجلب قلوب المحايدين منهم نحو العقائد الاسلامية.
وكان المبلّغون والدعاة الذين كانوا من قراء القرآن الكريم ، ومن الملمين بالاحكام الاسلامية والتعاليم النبوية يبدون استعدادا عجيبا للقيام بهذه المهمّة الصعبة ولو كلّفت حياتهم فكانوا ينقلون تعاليم الاسلام إلى الناس في المناطق النائية ، والاماكن البعيدة بأوضح بيان وأوضح اسلوب.
ولقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ببعثه للمجموعات العسكرية من جانب ، وارساله للفرق التبليغية من جانب آخر يقوم ـ في الحقيقة ـ بوظيفتين هامتين من وظائف المنصب النبوي.
__________________
(١) المغازي : ج ١ ص ٣٤٠ ، وامتاع الاسماع : ج ١ ص ١٧٠ ، ولا بدّ أنك أيها القارئ الكريم تتذكر أن السنة الثالثة للهجرة تنتهي عند انتهاء الشهر الرابع والثلاثين ، وتكون حوادث الشهر الخامس والثلاثين متعلقة بالسنة الرابعة من الهجرة.