ثم رجع رسول الله صلىاللهعليهوآله قافلا حتى قدم المدينة (١) وكانت هذه الغزوة في الثالث من ربيع الاوّل من السنة السادسة من الهجرة (٢).
واقبلت المرأة الغفارية المسلمة التي استنقذت من أيدي المغيرين على ناقة من إبل رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخبرته بما جرى ثم قالت : يا رسول الله إني قد نذرت إن نجّاني الله على هذه الناقة ، أن أنحرها فآكل كبدها وسنامها.
فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال :
« بئس ما جزيتيها أن حملك الله عليها ونجاك ثم تنحرينها ، انه لا نذر في معصية ، ولا فيما لا تملكين إنّما هي ناقة من إبلي فارجعي إلى أهلك على بركة الله » (٣).
وبذلك بيّن رسول الله صلىاللهعليهوآله حكما في مجال النذر ، وهو أن النذر لا يصح في مال الغير ، فلا نذر إلاّ في ملك.
والقصة إلى جانب ذلك تكشف عن الخلق العظيم الذي كان يتحلى به قائد الاسلام الأعلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولطفه بأصحابه واتباعه ، حيث جابه المرأة المذكورة برفق ولطف ، وبصّرها بما لها وما عليها في منتهى التواضع والشفقة.
__________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٥٥ ، المغازي : ج ٢ ص ٥٣٧ و ٥٤٩.
(٢) امتاع الاسماع : ج ١ ص ٢٦٠ و ٢٦١.
(٣) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٨١ ـ ٢٨٩ ، الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ١٣٣ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ٢٦٣ قال صاحب الامتاع : وكانت الناقة هي القصواء ، والقصواء اسم ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله .