تعد قريش تهدّد المسلمين من ناحية الجنوب ، ولهذا فكر رسول الله صلىاللهعليهوآله في أن يركز دعوته على سكان المناطق الحدودية للشام ، ويستميل الى الاسلام قلوب اولئك الاقوام التي كانت في تلك الايام تعاني من ظلم السلطات الروميّة.
ولهذا الغرض وجّه « حارث بن عمير الازدي » مع كتاب إلى « الحارث بن أبي شمر الغساني » ملك « بصرى » الذي كان حاكم الشامات المطلق يومذاك ، وكان يحكم من جانب قيصر.
فلما نزل مبعوث النبي « مؤتة » عرف به شرحبيل وكان حاكم المناطق الحدودية ، فقبض عليه ، وحقق معه ، فاعترف له بانه يحمل كتابا من جانب رسول الاسلام إلى حاكم الشامات المطلق ( الحارث الغساني ) ، فأمر بان يوثق وقدمه وضرب عنقه صبرا مخالفا بذلك كل الأعراف العالمية القاضية باحترام السفراء وحصانتهم.
فعرف رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك وغضب لمقتل رسوله بشدّة وندب الناس فأخبرهم بمقتل سفيره ومن قتله ، ودعا المقاتلين المسلمين الى الخروج للاقتصاص من قاتل « الحارث ».
واتفق أن وقعت في نفس الايام حادثة اخرى افجع من الأولى ، أكّدت عزم رسول الله صلىاللهعليهوآله على تأديب سكان المناطق الحدودية الشامية الذين سلبوا دعاة الاسلام حرية العمل والدعوة ، وقتلوا دون رحمة ، وعذرا سفير النبي ، وجماعة الدعوة والتبليغ وإليك مفصل الحادثة الثانية :
بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله في شهر ربيع الاول سنة ثمان من الهجرة على رأس خمسة عشر رجلا إلى منطقة « ذات أطلاح » من ارض الشام ، خلف وادي القرى لدعوة الناس الى الاسلام ، فخرجوا حتى انتهوا إلى تلك