المنطقة فدعوا أهلها إلى الاسلام فلم يستجيبوا لهم ، ورشقوهم بالنبل فلما رأى أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله ذلك قاتلوهم اشدّ القتال ، حتى قتلوا مؤثرين عز الشهادة على ذل الأسر ، وافلت منهم رجل جريح من القتلى ، فلما جنّ الليل تحامل حتى اتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فاخبره الخبر فشق ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوآله .
فتسبّب العدوان على دعاة الاسلام وقتلهم في ان يصدر رسول الله صلىاللهعليهوآله أمرا بالخروج إلى الجهاد في شهر جمادى ، ووجّه جيشا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل لتأديب المتمردين ، ومزاحمي دعاة الاسلام.
فتجمع ثلاثة آلاف بعد الاذان بالجهاد في معسكر خارج المدينة يدعى « الجرف » فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله بنفسه الى ذلك المعسكر ، وخطب في المقاتلين خطابا ، هذا نصه :
« اغزوا بسم الله ادعوهم الى الاسلام فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم والاّ فقاتلوا عدوّ الله وعدوّكم بالشام ، وستجدون فيها رجالا في الصوامع معتزلين الناس ، فلا تعرضوا لهم ، وستجدون آخرين للشيطان في رءوسهم مفاحص فاقلعوها بالسيوف ، ولا تقتلنّ امرأة ولا صغيرا مرضعا ولا كبيرا فانيا ، لا تغرقنّ نخلا ولا تقطعنّ شجرا ، ولا تهدموا بيتا » (١).
ثم قال : جعفر بن أبي طالب أمير الناس ، فان قتل فزيد بن حارثة ، فان اصيب زيد فعبد الله بن رواحة فإن اصيب عبد الله بن رواحة فليرتضى المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم.
ثم امر رسول الله صلىاللهعليهوآله المقاتلين بالتحرك نحو الهدف ، وخرج فشيّعهم مع جماعة من اصحابه حتى « ثنية الوداع » وهناك ودّعهم وكان المسلمون المشيعون يقولون : دفع الله عنكم وردكم سالمين غانمين ، صالحين.
__________________
(١) المغازي : ج ٢ ص ٧٥٧ و ٧٥٨.