وآله فرسا أبيضا ، وأعلن عن طاعته لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فاحترمه النبي واكرمه ، وصالحه ، وكساه بردا يمينا.
وقد قبل « يوحنا » هذا أن يبقى على نصرانيته شريطة أن يدفع للنبي جزية قدرها ثلاثمائة دينار سنويا وعلى أن يحسن إلى من يمرّ على أيلة من المسلمين وكتب له رسول الله صلىاللهعليهوآله كتاب أمان وقّعه الطرفان ، وإليك نص الكتاب المذكور :
« بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا أمنة من الله ومحمّد النبيّ رسول الله ليوحنا بن رؤبة وأهل أيلة لسفنهم وسياراتهم في البرّ والبحر ، لهم ذمة الله وذمة محمّد رسول الله ولمن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر ، ومن أحدث حدثا ، فانه لا يحول ماله دون نفسه ، وأنه طيّبة لمن أخذه من الناس وانه لا يحلّ أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقا يريدونه من برّ وبحر.
هذا الكتاب يكشف عن قاعدة مهمّة في السياسة الاسلامية وهي أن أيّ شعب أراد أن يسالم المسلمين وفرّ الاسلام له كل أمن وسلام (١).
ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوآله صالح بقية الحكام الحدوديين مثل سادة أقوام « أذرح » و « جرباء » التي كانت تتمتع باهمية استراتيجية ، وبذلك ضمن أمن المنطقة الاسلامية من ناحية الشمال.
على طريق تبوك كانت تقع منطقة عامرة خضراء ذات أشجار وزروع ومياه جارية تضم حصنا منيعا ، وتبعد عن الشام بما يقرب من خمسين فرسخا ، تسمى « دومة الجندل » (٢) وكان يحكمها يومذاك رجل مسيحي يدعى « اكيدر بن
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٥٢٦ ، السيرة الحلبية : ج ٣ ص ١٤١ ، بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١٦٠.
(٢) يقول الواقدي في المغازي : ج ٣ ص ١٠٢٥ تقع دومة الجندل على عشرة اميال من المدينة.