ولقد اضاف كبار المشيرين ـ حفاظا على مكانة الرسول القائد ، وإشعارا بان رأيهم هذا قابل للأخذ والرد ـ قائلين : إن كنت امرت بالسير فسر (١).
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
« لو امرت به ما استشرتكم فيه ».
وهكذا احترم رسول الله صلىاللهعليهوآله آراء مشاوريه ورضى بالعودة إلى المدينة (٢).
وحيث كان هناك حكام وولاة يعيشون في المناطق الحدودية السورية والحجازية لهم نفوذ كبير في قبائلهم ومناطقهم ، وكانوا جميعا نصارى ، ولهذا كان من المحتمل بقوة أن يستغل الروم قواهم ضد الاسلام ، ويحملوا بمساعدتهم على الحجاز.
ولهذا كان يتعين أن يعقد معهم رسول الله صلىاللهعليهوآله معاهدة عدم اعتداء ، ليأمن جانبهم ويحصل على أمن أوسع ، فأجرى صلىاللهعليهوآله اتصالات مباشرة مع اولئك الحكّام والولاة الذين كانوا يعيشون على الشريط الحدودي على مقربة من تبوك وعقد معهم معاهدات عدم تعرض واعتداء بشروط خاصة كما أرسل مجموعات إلى النقاط النائية عن تبوك ليحقق بذلك مزيدا من الأمن للمسلمين.
لقد اتصل رسول الله صلىاللهعليهوآله شخصيا بزعماء « أيلة » و « أذرح » و « الجرباء » ، وتمّ عقد معاهدة عدم تعرّض واعتداء بين الجانبين. و « أيلة » مدينة ساحلية تقع على ساحل البحر الأحمر ، ولا تبعد عن الشام كثيرا ، وكان زعيم تلك المنطقة هو « يوحنا بن رؤبة » ، فهو يوم اتي به إلى النبي صلىاللهعليهوآله وعليه صليب من ذهب على عادة النصارى ، قدّم لرسول الله صلّى الله عليه
__________________
(١) المغازي : ج ٣ ص ١٠١٩.
(٢) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ١٤٢.