لا ينتفع به العدوّ واخذ يقاتل ، وهو آخذ باللواء بيمينه ، فقطعت يمينه فاخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى لا يسقط لواء رسول الله صلىاللهعليهوآله على الأرض حتى قتل وقد وجد به ثمانون جراحة او تزيد!! (١).
فلما قتل « جعفر » أخذ الراية « زيد بن حارثة » معاونه الاول فقاتل ببسالة عظيمة حتى قتل برماح القوم.
فاخذ الراية « عبد الله بن رواحة » معاونه الثاني ، ثم تقدّم بها وهو على فرسه ، فجعل يقاتل ويرتجز ، فاحسّ بالجوع أثناء القتال ، وألحّ عليه ، فاتاه رجل بعرق من لحم ليزيل به جوعه ويشدّ به صلبه ، فلم يأكل منه شيئا حتى سمع صوت هجوم العدوّ ، فالقى الطعام من يده ، ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل.
وهنا بدأت حيرة المقاتلين المسلمين ، فقد قتل القائد الأعلى للجيش ومعاوناه وعلى الترتيب الذي ذكر.
ولكن النبي صلىاللهعليهوآله كان قد تحسّب لهذه الحالة ، وترك أمر اختيار القائد في مثل هذا الوضع إلى الجنود انفسهم ، فأخذ الراية « ثابت بن أقرم » وقال : يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم. فقالوا : أنت ، قال : ما أنا بفاعل ، فاصطلح على « خالد بن الوليد » الذي كان حديث عهد بالاسلام آنذاك.
ولقد كانت الساعة التي انيط فيها القيادة الى خالد ساعة خطيرة وحساسة جدا ، حيث قد تغلّب الخوف والرعب على المسلمين كافة.
فعمد القائد الجديد إلى استخدام تكتيك عسكري لم يعرف له مثيل ، فقد
__________________
(١) المغازي : ج ٢ ص ٧٦١. وقد اثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما في الجنة وسمى في ما بعد بجعفر الطيار ، راجع السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٧٨.