يوم غدير خم ( نعنى الامام عليا ) من تسلم زمام الحكم دون منازع ومزاحم من المعارضين السياسيين.
إنهم لم يكتفوا فقط بالعودة إلى المدينة بل حاولوا أن يحولوا دون أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى دعم وتثبيت منصب الامام علي وخلافته لرسول الله بلا فصل ، فحاولوا منع النبي صلىاللهعليهوآله وصرفه عن البحث في هذه المسألة بشتى الوسائل ، والسبل.
فعمد رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي عرف بنشاط بعض زوجاته من بنات بعض اولئك الصحابة ، المشين ، عمد إلى الخروج إلى المسجد مع ما كان عليه من الحمّى والوجع ، ووقف إلى جانب المنبر وقال للناس بصوت عال سمع خارج المسجد :
« أيّها الناس سعّرت النار ، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، وإنّي والله ما تمسّكون عليّ بشيء ، اني لم احلّ إلاّ ما أحلّ الله ، ولم احرّم إلاّ ما حرّم الله » (١).
إنّ هذه العبارة تكشف عن القلق الشديد الذي كان يحمله النبي صلىاللهعليهوآله على مستقبل الاسلام بعد وفاته ، فما هو المقصود ـ ترى ـ من النار التي سعرت؟
أليس هي فتنة الاختلاف والافتراق التي كانت تنتظر المسلمين ، والتي اشتعلت بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله وتعالى لهيبها ، ولا يزال ذلك اللهيب مشتعلا ، وتلك النار مستعرة؟!
كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يعرف بما يجرى من نشاطات خارج
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٦٥٤ ، الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢١٥ و ٢١٦.