الناس » وهو يريد الأنصار.
فقام سعد بن معاذ الأنصاري وقال : والله لكأنك يا رسول الله تريدنا؟
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : أجل.
فقال سعد : بأبي أنت وأمّي يا رسول الله صلىاللهعليهوآله إنا قد آمنّا بك ، وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به حق من عند الله ، وأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما اردت فنحن معك ، فو الذي بعثك بالحق ، لو استعرضت بنا هذا البحر (١) فخضته لخضناه معك ما تخلّف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا.
إنا لصبر في الحرب ، صدق في اللقاء لعلّ الله يريك منّا ما تقرّ به عينك فسر بنا على بركة الله ، وصل من شئت ، واقطع من شئت وخذ من أموالنا ما شئت ، وما أخذت من أموالنا أحبّ إلينا مما تركت.
فسّر رسول الله صلىاللهعليهوآله بقول سعد ونشّطه ذلك ، وأزال سحابة اليأس من النفوس ، وأشعل ضياء الأمل في القلوب.
ولهذا لم يفرغ ذلك الأنصاريّ البطل والقائد المؤمن الشجاع من مشورته الشجاعة إلاّ وأصدر رسول الله صلىاللهعليهوآله أمره بالرحيل قائلا : « سيروا على بركة الله وابشروا فانّ الله قد وعدني إحدى الطائفتين ولن يخلف الله وعده.
والله لكأنّي الآن أنظر الى مصارع القوم ».
وتحرك الجيش الاسلاميّ بقيادة النبيّ الاكرم صلىاللهعليهوآله ونزل عند آبار « بدر » (٢).
مع أنّ المبادئ العسكريّة والتكتيكات الحربية في الوقت الحاضر تختلف
__________________
(١) يقصد البحر الأحمر.
(٢) المغازي للواقدي : ج ١ ص ٤٨ ، السيرة النبوية : ج ١ ص ٦١٥.