عما كانت عليه في العصور الغابرة اختلافا كبيرا إلاّ أنّ مسألة تحصيل المعلومات حول العدوّ ومعرفة أسراره العسكرية ، ومدى استعداداته ومبلغ قواه التي يستخدمها ، ودرجة معنويات أفراده لا تزال على أهميتها وقيمتها ، لم تتغير من هذه ، بل ازدادت أهمية في العصر الحاضر ـ كما أسلفنا ـ.
فهي تشكل الآن أيضا مفتاحا في الحروب ، ومنطلقا للانتصارات العسكرية.
على أن هذه المسألة قد اتخذت اليوم صبغة التعليم والتمرين ، فقد أصبح لها اليوم كتب ومعاهد تتولى تعليم طرائق التجسس العسكري واساليبه ، كما ويعزي قادة المعسكر الغربي والشرقي الكثير من نجاحاتهم إلى نجاحهم في توسعة دوائر التجسس ومنظماته التي تستطيع اطلاع أصحابها على معلومات دقيقة ومفصّلة عن خطط العدو وقواه ، واماكن تمركزه وتواجده ، وخطوط إمداده ، وتموينه تمهيدا لإفشال تحركاته أو إجهاضها فورا.
من هنا استقر الجيش الاسلاميّ في منطقة تلائم مبادئ التستر بشكل كامل ، ومنع عن أي عمل من شأنه انكشاف أسراره ، كما أن فرقا مختلفة ومتعددة كلّفت بتحصيل وجمع المعلومات عن قريش وقافلتها وجيشها.
فكانت المعلومات التي توفرت لدى القيادة الاسلامية هي كالتالي :
الف / انّ النبيّ نفسه ركب هو ورجل من قادة جيشه حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن قريش وعن محمّد وأصحابه وما بلغه عنهم فأخبرهم بأن محمّد وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا ، وانه إن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي كان به رسول الله صلىاللهعليهوآله وان قريشا خرجوا يوم كذا وكذا ، وانه ان كان الذي أخبره صدقه فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي فيه قريش.
وهكذا عرف رسول الله صلىاللهعليهوآله نقطة تواجد قريش ، واستقرار قواتهم.
باء / بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله جماعة « الزبير بن العوام » و « سعد