عليّ أيّها الناس.
فقام أبو بكر وقال : يا رسول الله إنّها قريش ، وخيلاؤها ما آمنت منذ كفرت ، ولا ذلّت منذ عزّت ولم نخرج على أهبة الحرب!!
وهذا يعني أنه رأى من الصالح ان ينسحبوا الى المدينة ، ولا يواجهوا قريشا.
فقال له رسول الله : اجلس.
ثم قام عمر بن الخطاب ، وكرّر نفس مقالة أبي بكر ، فأمره النبيّ صلىاللهعليهوآله بالجلوس أيضا.
ثم قام « المقداد بن عمرو » وقال : يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى : اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون.
ولكن اذهب أنت وربّك فقاتلا ، وإنا معكما مقاتلون.
فو الّذي بعثك بالحقّ لو سرت الى برك الغماد ( وهو موضع بناحية اليمن ) لجالدنا معك من دونه ، حتى تبلغه ، ولو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا ( أي النار المتقدة ) وشوك الهراس ( وهو شجر كبير الشوك ) لخضناه معك.
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله خيرا ودعا له به.
إذا كان اخفاء الحقائق ، والتعتيم عليها وسترها ، والتعصب الباطل أمرا مشينا من كلّ من ألّف وكتب ، فإنّه ولا شك أقبح من المؤرّخ ، المؤتمن على التاريخ وحقائقه.
فان على المؤرخ أن يكون مرآة صادقة للأجيال القادمة لا يكدرها غبار التعصب ، وغشاوة التحريف والتبديل والكتمان للحقائق.
ولقد ذكر ابن هشام (١) والمقريزي (٢) والطبري (٣) ما وقع في الشورى
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ١ ص ٦١٥.
(٢) إمتاع الاسماع : ص ٧٤.
(٣) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ١٤٠.