فأنهضني رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى دارهم فلم يبرز إليّ أحد منهم إلا قتلته ، ولا يثبت لي فارس إلاّ طحنته ، ثم شددت عليهم شدّة الليث على فريسته حتى أدخلتهم جوف مدينتهم مسدّدا عليهم فاقتلعت باب حصنهم بيدي حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدي أقتل من يظهر فيها من رجالها ، وأسبي من أجد من نسائها حتى افتتحتها وحدي ولم يكن لي فيها معاون إلاّ الله وحده (١).
عند ما افتتح حصن « القموص » سبيت « صفيّة بنت حيي بن أخطب » وامرأة اخرى ، فمر بهما « بلال » على القتلى فصاحت صفية صياحا شديدا جزعة ممّا رأت ، فكره رسول الله صلىاللهعليهوآله ما صنع بلال وقال صلىاللهعليهوآله :
« أذهبت منك الرحمة؟ تمر بجارية حديثة السنّ على القتلى؟ ».
فقال بلال : يا رسول الله ما ظننت أنك تكره ذلك ، وأحببت أن ترى مصارع أهلها (٢).
ولم يكتف رسول الله صلىاللهعليهوآله بهذا القدر من تطييب خاطر « صفيّة » بل احترمها ، وعيّن لها مكانا خاصا للاستراحة في المعسكر ، واختارها زوجة لنفسه ، وبهذا الطريق أزال آثار ذلك الصنيع السيئ الذي قام به بلال.
لقد تركت أخلاق رسول الله صلىاللهعليهوآله وتعامله الانساني الرفيع مع « صفية » أثرا حسنا في نفسها ، فقد صارت في ما بعد من أزواج النبي صلىاللهعليهوآله الوفيّات المخلصات ، وقد حزنت عند وفاته ، وبكت له أكثر من بقية ازواجه (٣).
__________________
(١) الخصال : ص ٣٦٩ باب السبعة.
(٢) المغازي : ج ٢ ص ٦٧٣ ، تاريخ الطبري : ج ٣ ص ٣٠٢.
(٣) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٣٠٢.