السيوف وهي تصعد وتهبط فقال : « ما هذه البارقة؟ ألم أنه عن القتال »؟
فقيل : يا رسول الله ، خالد بن الوليد قوتل ، ولو لم يقاتل ما قاتل. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « قضى الله خيرا ».
ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوآله دخل مكة من ناحية أذاخر ، وهي أعلى نقطة في مكة في موكب عظيم جليل ، فضرب له قبة من أدم بالحجون ( عند قبر عمّه العظيم أبي طالب ) ليستريح فيها ، وقد أصرّوا عليه صلىاللهعليهوآله بأن ينزل في بعض بيوت مكة فأبى صلىاللهعليهوآله (١).
لقد استسلمت مكة التي كانت مركزا رئيسيا للشرك والوثنية طوال أعوام عديدة ومديدة ، أمام قوات التوحيد الظافرة ، وسيطر جنود الاسلام على جميع نقاط تلك المدينة المقدسة.
ولقد استراح رسول الله صلىاللهعليهوآله في الخيمة التي ضربوها له في الحجون بعض الوقت.
ثم انه صلىاللهعليهوآله بعد أن اطمأنّ واغتسل ركب راحلته « القصواء » وتوجّه الى المسجد الحرام لزيارة بيت الله المعظم والطواف به ، بينما كان يحمل معه السلاح ، والمغفر على رأسه ، وتحيط به هالة من العظمة والجلال ، ويحدق به المهاجرون والانصار ، وقد صفّ له الناس من المسلمين والمشركين ، بعض يغمره الفرح والسرور ، وآخرون يكادون ينفجرون من الغيظ.
ولما انتهى صلىاللهعليهوآله إلى الكعبة فرآها ومعه المسلمون تقدّم على راحلته ، ولم يترجّل منها لأسباب خاصة فاستلم الركن بمحجنه بدل استلامه بيده ، وكبّر فكبّر المسلمون لتكبيره ، ورجّعوا التكبير حتى ارتجّت مكة لتكبيرهم
__________________
(١) الامتاع : ج ١ ص ٣٨٠.