منطقة اخرى من المعسكر خصصت لغرض التضميد (١) ، كما انه سمح لبعض نساء بني غفار بأن يأتين الى « خيبر » لمساعدة المسلمين وتضميد الجرحى وتقديم غير ذلك من الخدمات التي يليق بهن في المعسكر ، وقد أظهرت تلك النسوة من أنفسهن تفانيا ، وتضحية عجيبة (٢).
ولقد رأت الشورى العسكرية الاسلامية أن يعمد المقاتلون المسلمون ـ بعد فتح حصن « ناعم » إلى فتح حصن « القموص » الذي كان يرأسه أبناء « أبي الحقيق » ، ولقد فتح هذا الحصن بفضل تفاني جنود الاسلام ، وأسرت منه « صفية بنت حيي بن أخطب » التي صارت فيما بعد من زوجات رسول الله صلىاللهعليهوآله .
ولقد قوّى هذان الانتصاران العظيمان معنوية الجنود المسلمين وألقى رعبا شديدا في نفوس اليهود ولكن المسلمين وقعوا في مخمصة شديدة بسبب قلّة المواد الغذائية بحيث اضطروا إلى أن يأكلوا من بعض الانعام المكروهة اللحم ، وقد كان هناك بين حصون اليهود حصن مملوء طعاما الاّ أن المسلمين لم يظفروا به حتى ذلك الحين.
في مثل هذه الحالة التي كان قد استولى فيها جوع شديد على المسلمين ، اضطروا معه إلى تناول لحوم ما كره أكله من الأنعام أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله راع أجير لليهود يرعى لهم غنمهم ، ورسول الله محاصر لبعض حصون خيبر فقال : يا رسول الله اعرض عليّ الاسلام ، فعرضه عليه ، فأسلم ، وكان رسول الله لا يحقّر أحدا أن يدعوه إلى الاسلام ويعرضه عليه ـ فلما أسلم قال : يا رسول الله اني كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم وهي أمانة عندي فكيف أصنع بها؟ فقال له رسول الله
__________________
(١) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٤٠.
(٢) السيرة النبوية : ج ٣ ص ٣٤٢.