سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله السيف فمنعنيه ، وأعطاه أبا دجانة وقلت : أنا ابن صفيّة عمته ، ومن قريش وقد قمت إليه فسألته إياه ، فاعطاه إياه وتركني! والله لانظرنّ ما يصنع. فأتبعته فأخرج عصابة له حمراء ، فعصّب بها رأسه ، فقالت الانصار : أخرج أبو دجانة عصابة الموت ، وهكذا كانت تقول له اذا تعصّب بها.
فخرج وهو يقول :
أنا الّذي عاهدني خليلي |
|
ونحن بالسفح لدى النخيل |
ألاّ أقوم الدهر في الكيّول (١) |
|
أضرب بسيف الله والرّسول |
فجعل لا يلقى أحدا إلاّ قتله ، وكان من المشركين رجل لا يدع لنا جريحا إلاّ ذفّف عليه ، فجعل كلّ واحد منهما يدنو من صاحبه ، فدعوت الله أن يجمع بينهما ، فالتقيا ، فاختلفا ضربتين ، فضرب المشرك أبا دجانة ، فاتقاه بدرقته ، فعضت بسيفه ، وضربه أبو دجانة ، فقتله ، ثم رأيته قد حمل السيف على مفرق « هند بنت عتبه » ثم عدل السيف عنها ، فقلت : الله ورسوله أعلم.
ثم إن أبا دجانة أوضح عمله هذا فقال : رأيت انسانا يخمش الناس خمشا شديدا فصمدت له ، فلما حملت عليه السيف ولول فاذا امرأة ، فأكرمت سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله أن أضرب به امرأة (٢).
بدأ القتال بما فعله أبو عامر الفاسق الذي كان قد هرب من المدينة مباعدا لرسول الله صلىاللهعليهوآله كما أسلفنا ، وكان من الأوس ، وقد فرّ معه خمسة عشر رجلا من الأوس بسبب معارضته للاسلام.
وقد تصوّر أبو عامر هذا أن الأوس إذا رأوا يوم احد تركوا نصرة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلما التقى العسكران يومئذ نادى أبو عامر : يا معشر الأوس ، أنا أبو عامر.
__________________
(١) الكيّول : آخر الصفوف في الحرب.
(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٦٨ و ٦٩.