وحجم قواته ، وبالأرض ، وذلك عن طريق عيونه وجواسيسه الاذكياء اللبقين ، اليقظين الذين كانوا يرصدون ـ بدقة وباستمرار ـ أوضاع العدوّ ، وتحركاته ، وينقلون معلوماتهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وبذلك كانوا يقومون بواجبهم الديني في مجال الحفاظ على عقيدة التوحيد ، وصيانتها من خطر السقوط.
إنّ هذا التدبير الذكيّ ، والطريقة الحكيمة التي ابتكرها وأخذ بها رسول الله صلىاللهعليهوآله تعتبر أكبر درس للمسلمين اليوم ، ودائما.
ولهذا يتوجب على قادة المسلمين المخلصين أن يعرفوا بكل ما يحاك ـ في بلاد الاسلام او في غيرها من بلاد العالم ـ من مؤامرات ضدّ المسلمين ، وما يدبّر من خطط لتقويض دعائم الاسلام ، ويبادروا إلى إطفاء شرارات الفتن في مهدها ، وقبل اشتعالها ، وأن يسلكوا نفس المسلك الذي سلكه رسول الاسلام صلىاللهعليهوآله ليحصلوا على ذات النتيجة ، ولا شك أنّ مثل هذا العمل لا يتيسّر من دون أجهزة مناسبة ، ومن دون تشكيلات خاصّة.
ولقد استطاع رسول الله صلىاللهعليهوآله في غزوة « ذات السلاسل » الذي هو موضوع بحثنا الآن ، أن يطفئ نار الفتنة عن طريق استخدام المعلومات الدقيقة التي حصل عليها عن العدوّ.
ولو أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أغلق على نفسه هذا الباب لتحمّل خسائر لا تجبر ، ولتعرّضت الكثير من جهوده المباركة في سبيل نشر الدعوة الاسلامية لخطر الفشل والإخفاق.
لقد أبلغ العيون وعناصر المخابرات الاسلامية رسول الله صلىاللهعليهوآله بأن آلافا من الناس قد تحالفوا وتعاقدوا في ما بينهم في منطقة تدعى بـ : « وادي اليابس » على التوجّه إلى المدينة المنوّرة للقضاء على الاسلام بكل ما لديهم من قوة ، فإمّا أن يقتلوا في هذا السبيل ، أو يقتلوا « محمّدا » أو فارسه البطل الفاتح