يقول العلاّمة ابن أبي الحديد : قرأت على ( استاذي ) النقيب أبي جعفر البصري العلوي هذا الخبر ، فصدّقه وقال : أترى أبا بكر وعمر لم يشهدا هذا المشهد؟ أما كان يقتضي التكريم والاحسان أن يطيّبا قلب فاطمة عليهاالسلام ، ويستوهب لها من المسلمين ( أي يستوهب فدكا من المسلمين ويردّه عليها )؟
أتقصر منزلتها عند رسول الله صلىاللهعليهوآله من منزلة زينب أختها وهي سيدة نساء العالمين؟!
هذا إذا لم يثبت لها حق لا بالنحلة ولا بالارث؟
فقلت له : فدك بموجب الخبر الذي رواه أبو بكر قد صار حقا من حقوق المسلمين ، فلم يجز له أن يأخذه منهم.
فقال : وفداء أبي العاص قد صار حقا من حقوق المسلمين ، وقد أخذه رسول الله صلىاللهعليهوآله منهم.
فقلت : رسول الله صلىاللهعليهوآله صاحب الشريعة ، والحكم حكمه ، وليس أبو بكر كذلك.
فقال : ما قلت هلاّ أخذه أبو بكر من المسلمين قهرا فدفعه إلى فاطمة عليهاالسلام وإنما قلت : هلاّ استنزل المسلمين عنه ، واستوهبه منهم لها ، كما استوهب رسول الله صلىاللهعليهوآله فداء أبي العاص؟ أتراه لو قال : هذه بنت نبيكم صلىاللهعليهوآله قد حضرت لطلب هذه النخلات افتطيبون عنها نفسا؟ كانوا منعوها ذلك؟!
فقلت له : قد قال قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد نحو ذلك. قال : إنهما لم ياتيا بحسن في شرع التكريم ، وان كان ما أتياه حسنا في الدين!!
أي ان ما فعلاه وان كان يوافق موازين الدين ـ حسب تصور القاضي ـ ولكنه لا يناسب شأن فاطمة وتكريمها لمقامها ولمكانها من أبيها رسول الله صلّى الله عليه