ثمّ إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله دخل بيته فلما أبصرت به بنته العزيزة « فاطمة » ورأت ما أصابه من الجراح ذرفت عيناها بالدموع ، فأعطى رسول الله سيفه لابنته ( الزهراء ) حتى تغسله.
وقال الاربلي المؤرخ الشيعي المعروف الذي كان يعيش في القرن السابع الهجري : كان علي يجيء بالماء في ترسه ، وفاطمة تغسل الدم وأخذ حصيرا فاحرقه وحشى به جرحه (١).
وفي الامتاع لما رأت فاطمة الدم لا يرقأ ـ وهي تغسله وعلي يصب الماء عليها بالمجنّ ـ أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا ثم الصقته بالجرح فاستمسك الدم ويقال : داوته بصوفة محترقة (٢).
لقد كانت الليلة التي استقرّ فيها المسلمون في منازلهم بالمدينة بعد يوم احد ليلة جدّا خطيرة وحساسة.
فالمنافقون واليهود وأتباع عبد الله بن أبي قد سرّوا لما أصاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه سرورا كبيرا ، وأظهروا القول السيئ ، وقالوا : ما اصيب نبي هكذا قط.
وكان أنين الجرحى والمكلومين وبكاء الموتورين في رجالهم ونياحهم يسمع من أكثر بيوت المدينة.
والأخطر من كلّ هذا هو التخوّف من أن يقوم المنافقون واليهود بعملية خيانية ضد الاسلام والمسلمين في تلك الظروف.
أو أن يعرّضوا وضع العاصمة الاسلامية الثابت ، والوحدة السياسية القائمة في المدينة للخطر بايجاد الاختلاف والتشتت على الاقل.
إن ضرر الاختلافات الداخليّة أشد بكثير من حملات العدوّ الخارجي ، وان
__________________
(١) كشف الغمة : ج ١ ص ١٨٩.
(٢) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٣٧ و ١٣٨.