وجد أن الرجل الذي استخلفه على اولئك الجنود قد عمد فكسا كلّ رجل من القوم حلة من البزّ الذي كان قد أخذه علي من أهل نجران ليسلّمها الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فانزعج من هذا التصرّف غير المشروع وقال له : ويلك ما هذا؟
قال : كسوت القوم ليتجملوا به اذا قدموا في الناس بمكة فقال علي عليهالسلام : ويلك! أنزع قبل أن تنتهي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فانتزع ذلك الرجل الحلل من الجنود ، وردّها إلى مكانها مع الأشياء الاخرى من جزية أهل نجران.
فانزعج جماعة من اولئك الجنود ممن يزعجهم العدل والنظام دائما ويريدون أن تسير الامور وفق أهوائهم ومشتهياتهم وان خالفت سنن الحق ومبادئ العدالة ، وأبدوا شكواهم من ما صنع بهم من استرداد الحلل والثياب.
ولما قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوآله بمكة اشتكوا عليا عليهالسلام فقام رسول الله خطيبا في الناس وقال :
« أيّها الناس ، لا تشكوا عليا ، فو الله إنه لأخشن في ذات الله ( أو في سبيل الله ) من أن يشكى » (١).
انتهت أعمال العمرة ، وكان النبي صلىاللهعليهوآله يكره أن ينزل ويمكث في دار أحد في المدة التي بين العمرة والحج ولهذا أمر بأن تضرب له خيمة خارج مكة.
لقد حلّ اليوم الثامن من شهر ذي الحجة ، فخرج زوّار بيت الله الحرام في ذلك اليوم من مكة إلى أرض عرفات ليقفوا في اليوم التاسع وهو يوم عرفة من ظهر ذلك اليوم وحتى الغروب منه.
__________________
(١) السيرة النبوية : ح ٤ ص ٦٠٣ وفي البحار : ج ٢١ ص ٣٨٥ : أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله مناديا أن ينادي في الناس : « ارفعوا ألسنتكم عن عليّ فانه خشن في ذات الله غير مداهن في دينه ».