يعتقد كثير من المؤرخين المسلمين أن المبارزات الفردية ومن بعدها القتال الجمعي في غزوة بدر استمر حتى زالت الشمس وانتهت المعركة بفرار المشركين وأسر جماعة منهم. ثم بعد أن فرغ رسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه من دفن شهداء المسلمين صلى بالناس العصر في بدر ثم غادر ارض بدر قبل غروب الشمس من ذلك اليوم ، هذا وقد كلّف رسول الله صلىاللهعليهوآله اشخاصا بجمع الغنائم من أيدي الناس.
وهنا واجه رسول الله صلىاللهعليهوآله اول اختلاف بين أصحابه في كيفية تقسيم الغنائم ، فقد كان كلّ فريق يرى نفسه أولى من غيره بها ، نظرا لدوره في تلكم المعركة.
فالذين كانوا يحرسون عريش رسول الله صلىاللهعليهوآله مخافة أن يكرّ عليه العدو كانوا يرون أن عملهم لا يدانيه في الاهمية أي عمل آخر ، لأنهم كانوا يحرسون القائد ، ويحافظون على مقرّ القيادة.
وبينما كان الذين جمعوا الغنائم يرون أنهم الأحق لأنهم جمعوها ، فيما كان الذين قد قاتلوا العدو ولا حقوه وطاردوه يقولون : والله لو لا نحن ما أصبتموه ، إنا لنحن الذين شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم (١).
ولا ريب أن أسوأ ما يصيب أي جيش هو أن يدبّ الخلاف بين قطعاته وأفراده ، فينفرط عقده وتتلاشى وحدته.
من هنا بادر رسول الله صلىاللهعليهوآله للقضاء على هذه الآمال والمطامع المادية وبغية اسكات كل تلك الاصوات إلى إيكال جمع الغنائم وحملها ، والمحافظة عليها إلى « عبد الله بن كعب المازني » وأمر جماعة من أصحابه أن يعينوه ريثما يفكّر في طريقة تقسيمها. لقد كان قانون العدل والإنصاف يقضي بأن
__________________
(١) المغازي : ج ١ ص ٩٨ و ٩٩.