وقد أنشد حسان قصيدة بائية رائعة حول وقعة بدر الكبرى يشير في بعض ابياتها الى هذه الحقيقة اعني قصة القليب إذ يقول :
يناديهم رسول الله لمّا |
|
قذفناهم كباكب في القليب |
ألم تجدوا كلامي كان حقّا |
|
وأمر الله يأخذ بالقلوب؟ |
فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا |
|
صدقت وكنت ذا رأي مصيب! |
على أنه لا توجد عبارة اشد صراحة من ما قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله في المقام حيث قال : « ما أنتم بأسمع منهم ».
وليس ثمة بيان أكثر إيضاحا وأشدّ تقريرا لهذه الحقيقة من مخاطبة النبيّ صلىاللهعليهوآله لواحد واحد من أهل القليب ، ومناداتهم بأسمائهم وتكليمهم كما لو كانوا على قيد الحياة.
فلا يحقّ لأيّ مسلم مؤمن بالرسالة والرسول أن يسارع الى إنكار هذه القضية التاريخية الاسلامية المسلّمة ، ويبادر قبل التحقيق ويقول : إن هذه القضية غير صحيحة لانها لا تنطبق على موازين عقلي المادي المحدود.
وقد نقلنا هنا نص هذا الحوار ، لكي يرى المسلمون الناطقون باللغة العربية كيف أنّ حديث النبيّ صلىاللهعليهوآله يصرح بهذه الحقيقة بحيث لا توجد فوقه عبارة في الصراحة ، والدلالة على هذه الحقيقة.
ومن أراد الوقوف على مصادر هذه القصة فعليه أن يراجع ما ذكرناه في الهامش ادناه (١).
__________________
(١) إن تكلم رسول الله صلىاللهعليهوآله مع رءوس الشرك الموتى الذين القيت اجسادهم في البئر من مسلمات التاريخ والحديث ، وقد اشار الى هذا من بين المحدثين والمؤرخين : صحيح البخاري : ج ٥ في معركة بدر ص ٧٦ و ٧٧ ـ ٨٦ و ٨٧ ، صحيح مسلم : ج ٨ كتاب الجنة باب مقعد الميت ص ١٦٣ ، سنن النسائي ج ٤ باب أرواح المؤمنين ص ٨٩ و ٩٠ ، مسند الامام أحمد : ج ٢ ص ١٣١ ، السيرة النبوية : ج ١ ص ٦٣٩ ، المغازي : ج ١ غزوة بدر ص ١١٢ ، بحار الأنوار : ج ١٩ ص ٣٤٦.