فأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بأن ينادي المسلمون بشعار مضاد لشعار أبي سفيان ، مشابه له في الوزن والسجع فقال : قولوا :
« الله مولانا ولا مولى لكم ».
أي اذا كنتم تعتمدون على صنم مصنوع من الحجر والخشب ، فاننا نعتمد على الله الخالق ، القادر والعلي الاعلى.
فنادى منادي الشرك ثالثا : يوم بيوم بدر. فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بان يجيبه المسلمون.
« لا سواء قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار ».
فكان لشعارات المسلمين القوية الرادعة التي كان يرددها المئات ، أثرها العجيب في نفس رأس الشرك أبي سفيان الذي بدأ هذه الحملة النفسية والحرب الباردة بغية تحطيم ايمان المسلمين ، ورأى كيف ارتد كيده إلى نحره ولهذا انزعج بشدة وقال : ألا إن موعدكم بدر للعام القابل.
ثم انصرف إلى أصحابه ، وغادروا جميعا أرض المعركة راجعين إلى مكة (١).
وكان على المسلمين الآن ـ وفيهم مئات الجرحى والمصابين وسبعون قتيلا ـ أن يصلّوا الظهر والعصر فصلى بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله جلوسا ، وصلّوا معه جلوسا ، لما أصابهم من الضعف ، ثم أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بدفن الشهداء ، ومواراتهم الثرى عند جبل احد.
وضعت الحرب أوزارها ، وتباعد الجانبان ، وقد تحمّل المسلمون من الخسائر في الارواح ثلاثة أضعاف ما تحمّله المشركون. وكان عليهم أن يبادروا إلى دفن الشهداء على النحو الذي أمرهم به الدين.
ولكنهم فوجئوا بأمر فضيع ، فقد اغتنمت نسوة من قريش وفي طليعتهن هند
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٩٤.