وقد أحزنت هذه الحادثة الاليمة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكذا جميع المسلمين.
وأنشد فيهم « حسان بن ثابت » أبياتا ذكرها ابن هشام في سيرته ، كما أنه هجا هذيلا في أبيات اخرى لارتكابهم هذه الجريمة النكراء (١).
ولقد خشي رسول الله صلىاللهعليهوآله أن تتكرر مثل هذه الجريمة النكراء ، وبذلك يواجه رجال التبليغ والدعوة الذين كان يعدهم بصعوبة بالغة مصاعب في سبيلهم ، ويتعرضوا لخسائر لا تجبر ، وعمليات غدر واغتيال اخرى.
وقد بقي جثمان هذا المسلم المجاهد على الخشبة مدة من الزمن ، يحرسه جماعة من المشركين حتى قام رجلان قويّان شجاعان من المسلمين بانزاله من فوق الصليب ليلا ، ومن ثم دفنه بأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢).
وفي شهر صفر من السنة الرابعة وقبل أن يصل نبا مصرع الدعاة المذكورين واستشهادهم على أيدي المشركين في منطقة الرجيع الى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قدم أبو براء العامري المدينة فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوآله الى الاسلام فلم يسلم ولكنّه قال للنبيّ صلىاللهعليهوآله يا محمّد إني ارى أمرك حسنا ، فلو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل « نجد » فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فان هم اتبعوك فما أعز أمرك.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّي اخشى عليهم أهل نجد.
قال أبو براء : لا تخف ، أنا لهم جار ، فابعثهم فليدعو الناس الى أمرك.
فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله أربعين رجلا من خيار المسلمين من أصحابه ممن حفظوا القرآن وعرفوا احكام الاسلام ، وأمّر عليهم « المنذر بن
__________________
(١) المغازي : ج ١ ص ٣٥٤ ـ ٣٦٢ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٦٩.
(٢) سفينة البحار : ج ١ ص ٣٧٢.