لقد كان الهدف الاساسي من بعث وتوجيه السرايا ، وعقد الاتفاقيات والمعاهدات العسكرية مع القبائل القاطنة على خطوط التجارة المكية هو ايقاف قريش على قوة المسلمين العسكرية ، واشتداد ساعدهم ، وخاصة عند ما كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يشترك بنفسه في العمليات ، ويترصّد مع مجموعات كبيرة من أنصاره تحركات قريش الاقتصادية ، ويعترض قوافلها التجارية.
لقد كان رسول الاسلام صلىاللهعليهوآله يريد بذلك إفهام حكومة مكة الوثنية بأن جميع طرق التجارة المكية هي في متناول يده ، وأنه يستطيع ـ متى شاء ـ أن يشلّ اقتصاد المكيين بتعريض خطوطهم وطرقهم التجارية ، للتهديد الجدّي.
ولقد كانت التجارة أمرا حيويّا وحساسا جدا بالنسبة إلى أهل مكة ، وكانت البضائع التي تنقل منها إلى الطائف والشام تشكّل اساس الاقتصاد المكّي ، فاذا كانت هذه الخطوط تتعرض للتهديد من قبل العدوّ وحلفائه مثل « بني ضمرة » و « بني مدلج » فان ذلك كان يعني انهدام وانهيار حياتهم.
لقد كان الهدف من بعث تلك الدّوريات العسكرية هو : أن تعرف قريش بأن طريق تجارتها الرئيسية هي الآن تحت رحمة المسلمين ، فاذا استمرّوا في معاداتهم للاسلام وللمسلمين وحالوا دون انتشار الاسلام ، والدعوة إليه ، واستمروا في ايذاء من تبقّى من المسلمين المستضعفين والعجزة في مكة واضطهادهم ، قطع المسلمون شريان اقتصادهم.
والخلاصة أنّ الهدف كان هو أن تعيد قريش النظر في مواقفها في ضوء الحالة الجديدة ، والتهديد العسكريّ الاسلامي الجدّي ، وتترك للمسلمين الحرية في الدّعوة إلى عقيدتهم ، وتفتح الطريق لزيارة بيت الله الحرام ، ونشر التوحيد ليستطيع الاسلام بمنطقه القويّ ، والمحكم أن ينفذ في القلوب ، ويتجلّى نور الاسلام ويشعّ على جميع نقاط شبه الجزيرة العربية ، وربوعها ، وبخاصة منطقة