فشقّ هذا الكلام على « طلحة بن أبي طلحة » وكان شجاعا ، وهو أوّل من حمل راية لقريش ، فاندفع من فوره الى ساحة القتال ، وطلب المبارزة ، متحديا بذلك أبا سفيان.
قبل أن يبدأ القتال أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله سيفا بيده وقال : ـ وهو يثير بذلك همم جنوده ـ.
« من يأخذ هذا السيف بحقّه »؟ فقام إليه رجال ، فأمسكه عنهم حتى قام إليه أبو دجانة الأنصاري ، فقال : وما حقّه يا رسول الله؟
قال : « أن تشرب به العدوّ حتى ينحني ».
قال : أنا آخذه يا رسول الله بحقّه.
فأعطاه إياه ، وكان أبو دجانة رجلا شجاعا ، يختال عند الحرب اذا كانت ، وكان اذا أعلم ، أعلم بعصابة له حمراء ، فاعتصب بها علم أنه سيقاتل ، فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلىاللهعليهوآله أخرج عصابته تلك فعصّب بها رأسه ، وجعل يتبختر بين الصفّين. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « انها لمشية يبغضها الله إلاّ في هذا الموطن » (١).
حقا إن مثل هذه الاثارة النفسية ، وهذا التحريك القويّ للهمم أمر ضروري لجيش يقاتل دفاعا عن الحق والقيم ، ولا يدفعه إلى ذلك سوى العقيدة ، وحب الكمال.
إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يهدف بعمله إثارة أبي دجانة وحده ، بل كان صلىاللهعليهوآله يهدف بذلك إثارة الآخرين ، وإفهامهم بأن عليهم أن يبلغوا في الشجاعة والبطولة ، والجرأة والإقدام هذا المبلغ.
يقول « الزبير بن العوّام » وهو كذلك رجل شجاع : وجدت في نفسي حين
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٦٦ و ٦٧.