الناس ( أي تعطي الأمان للمسلمين ) ثم الحق بأرضك.
فقال أبو سفيان : أوترى ذلك مغنيا عنّي شيئا؟ قال : لا والله ، ما أظنّه ، ولكني لا أجد لك غير هذا.
فقام أبو سفيان في المسجد ، وكان يثق بصدق عليّ في نصيحته ، فقال : أيها الناس ؛ إني قد أجرت بين الناس.
ثم ركب بعيره ، وأنطلق راجعا إلى مكّة ، وأخبر سادة قريش بما صنع ، وذكر نصيحة « عليّ » إياه ، فقال : إنّ عليّا نصحني أن اجير الناس ، فناديت بالجوار.
فقالوا : فهل أجاز ذلك محمّد؟
قال : لا.
قالوا : ويلك والله ما زاد الرجل ( ويقصدون عليّا ) على أن لعب بك ، فما يغني عنك ما قلت ، لأن النبي لم يجز أمانه ، وما لا يجيزه الطرفان لا قيمة له في ميزان العهود.
ثم إنّ سادة قريش عقدوا مجلسا من فورهم للتشاور في ما يطفئ غضب المسلمين ، ويثني رسول الله صلىاللهعليهوآله عن عزمه (١).
إنّ تاريخ رسول الاسلام صلىاللهعليهوآله يكشف عن انه صلىاللهعليهوآله كان يسعى دائما الى أن يقنع العدوّ بالحق ، ويجعله يستسلم لمنطق الدين ، ولم يكن يهدف قط الانتقام من العدوّ وأبادته.
ففي الكثير من الغزوات والمعارك التي شارك فيها صلىاللهعليهوآله بنفسه أو السرايا التي بعثها كان الهدف الأساسي هو القضاء على مؤامرة العدو ، وإفشالها ، وتشتيت شمله ، وتفريق اجتماعه قبل ان يقوم بعمل يضر بالاسلام
__________________
(١) الغازي : ج ٢ ص ٧٨٠ ـ ٧٩٤ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٨٩ ـ ٣٩٧ ، بحار الأنوار : ج ٢١ ، ص ١٠٢.