التوحيد حصل لها مشاعر دينية قوية جدا حتى أنها رجحت المشاعر الدينية على المشاعر العاطفية الشخصية مقاومة في هذا السبيل رغباتها الذاتية ، وميولها الشخصية.
لقد أنزعج أبو سفيان من سلوك ابنته التي كان يتصور أنها ملجئوها وملاذها الوحيد في المدينة ، فخرج من منزلها فورا ، حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فكلّمه حول تجديد العهد ، واستمراره ، فلم يرد عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله كناية عن عدم اعتنائه به.
فذهب إلى بعض أصحابه صلىاللهعليهوآله يطلب منهم ان يشفعوا له عند رسول الله صلىاللهعليهوآله وأن يقنعوه بتجديد ميثاق الصلح ، ولكن دون جدوى.
وأخيرا دخل على « علي بن أبي طالب » وعنده فاطمة الزهراء عليهاالسلام والحسن والحسين وهما آنذاك غلامان يدبّان بين أيديهما فقال : يا علي ، أنك أمسّ القوم فيّ رحما ، وإني جئت في حاجة فلا أرجعنّ كما جئت خائبا فاشفع لي إلى رسول الله.
فقال عليّ عليهالسلام : ويحك يا أبا سفيان ، والله لقد عزم رسول الله صلىاللهعليهوآله على أمر ما نستطيع أن نكلّمه فيه.
فالتفت إلى فاطمة ـ وهو يحاول إثارتها عاطفيّا ـ فقال : يا ابنة محمّد هل لك أن تأمري بنيّك هذا فيجير بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر؟
ولما كانت فاطمة عليهاالسلام تعرف بنوايا أبي سفيان الشريرة لذلك قالت : ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله إنّهما صبيان وليس مثلهما يجير (١).
فقال أبو سفيان : يا أبا الحسن إني أرى الامور قد اشتدت عليّ ، فانصحني.
فقال علي عليهالسلام : ما أجد لك شيئا أمثل من أن تقوم فتجير بين
__________________
(١) امتاع الأسماع : ج ١ ص ٣٥٩.