اخرى لما كان للبحث والنقاش مجال.
ولكن الاوضاع بعد معركة « مؤتة » ما كانت توجب بل ولا تسمح بأن يعطيه رسول الله صلىاللهعليهوآله مثل هذا اللقب ، فهل من يرأس فريقا يسميه المسلمون الفرّار ، ويحثون في وجوههم التراب يحسن أن يعطي في مثل هذه المناسبة لقب سيف الله؟ أجل ؛ لو أنّ خالدا كان مظهرا لسيف الله في غزوات ومعارك اخرى امكن القبول بذلك ، أما في هذه العركة فلم يكن مظهرا لسيف الله ، ولم يصدر منه بعد تقليده إمارة الجيش إلاّ تكتيك نظاميّ حكيم ، ولما وصف هو ومن معه بالفراريون ، خاصة ان ابن سعد يكتب قائلا : فاصطلح الناس على خالد بن الوليد ، فأخذ اللواء ، وانكشف الناس فكانت الهزيمة فتبعهم المشركون فقتل من قتل من المسلمين (١).
إن مختلفي هذه الاسطورة أضافوا لتاكيد مطلبهم هذه الجملة أيضا : قال خالد : لقد اندق يومئذ ( أي يوم مؤتة ) في يدي سبعة أسياف فما ثبت بيدي إلا صفيحة يمانية (٢).
ان مختلق هذه الكذبة غفل تماما عن أن خالدا وجنوده لو كانوا ابدوا في هذه المعركة مثل هذه البسالة ولو انجزوا في هذه الحرب مثل هذا العمل العظيم فلما ذا سمّاهم أهل المدينة بالفرّار؟ او لما ذا حثوا التراب في وجوههم؟ ولما وقع الناس في خالد بعينه (٣) ، إذ كان من اللازم في هذه الصورة أن يزرعوا طريقهم بالورود ، ويقربوا بين أيديهم القرابين ابتهاجا بعودتهم الظافرة واعجابا بعملهم الجبار!!
لقد بكى رسول الله صلىاللهعليهوآله في مقتل ابن عمه « جعفر » بشدة
__________________
(١) الطبقات : ج ٢ ص ١٢٩ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ٣٤٩.
(٢) اسد الغابة : ج ٢ ص ٩٤.
(٣) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٦٨ وغيره.