إلاّ أن بعض روايات أهل السنّة تفيد أنّ أبا بكر أنيط إليه امارة الحجيج في ذلك العام ، بينما كلّف علي عليهالسلام وحده بمهمة قراءة آيات البراءة والنقاط الاربعة المذكورة على الناس يوم الحج الاكبر بمنى (١).
دخل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام مكة وفي اليوم العاشر من شهر ذي الحجة ، صعد على جمرة العقبة وقرأ على الناس الآيات الثلاث عشرة من صدر سورة التوبة ( البراءة ) وأذان رسول الله المتضمن للنقاط الاربعة ، رافعا صوته به ، بحيث يسمعه جميع من حضر ، وذلك بمنتهى الشجاعة والجرأة ، وأخبر المشركين الذين لا عهد ولا مدة لهم مع النبي صلىاللهعليهوآله بأن لهم أن يسيحوا في الارض أربعة أشهر ابتداء من يوم قراءة ذلك الاعلان ، فاذا انقضت هذه المدة قتلوا اذا وجدوا على الشرك ، فعليهم أن يبادروا خلال هذا الأجل المضروب إلى تطهير بيئتهم من كل أنواع الوثنية وإلاّ سلبت عنهم الحصانة ، ورفع عنهم الأمان.
لقد كان أثر هذه الآيات وهذا الأذان النبويّ هو أنه لم يمض على قراءتهما أربعة اشهر إلاّ وأقبل المشركون على اعتناق عقيدة التوحيد أفواجا افواجا ، وهكذا استأصلت جذور الوثنية في شبه الجزيرة العربية في أواسط السنة العاشرة من الهجرة.
لا ريب أن عزل أبي بكر عن مقام إبلاغ آيات البراءة ، وتنصيب علي بن أبي طالب مكانه لأداء تلك المهمة بأمر الله تعالى يعدّ من ابرز فضائل علي ومناقبه المسلّمة التي لا تقبل الانكار والشك ، ولكن جماعة من الكتّاب المتعصبين وقعوا في الخطأ والانحراف مع ذلك عند تحليل ودراسة هذه الحادثة.
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٥٤٦ وراجع للوقوف على المصادر العديدة لهذه القضية الغدير : ج ٦ ص ٣٣٨ ـ ٣٥٠.