الزيارة والعمرة ، فدخل مكة ، وبلّغ سادة قريش رسالة النبي صلىاللهعليهوآله ولكن قريشا ـ خلافا لكل الأعراف الدولية والاجتماعية قديما وحديثا. والقاضية بحصانة السفراء وضرورة احترام كل مما يمت إليهم بصلة من ممتلكاتهم عمدت الى جمل رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي امتطاه سفير النبي صلىاللهعليهوآله إلى مكة فعقروه عدوانا ، وكادوا أن يقتلوا سفير النبي صلىاللهعليهوآله نفسه ، ولكن وساطة جماعة من قادة العرب ادت إلى أن تخلّي قريش سبيله حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله .
إن هذا العمل الدنيء أثبت ـ بوضوح ـ أن قريشا لم تكن تريد السلام بل كانت دائما في صدد اشعال قتيل الحرب.
ولم تلبث قريش أن كلّفت خمسين رجلا من فتيانها بالطواف بعسكر رسول الله صلىاللهعليهوآله بغية أخذ شيء من أمواله ، أو أسر بعض أصحابه لو أتيح لهم ذلك ، ارعابا للمسلمين وتخويفا لهم. ولكن هذه الخطة فشلت فشلا ذريعا ، فان هؤلاء لم يصيبوا شيئا بل أسرهم المسلمون جميعا وأتى بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فعفا عنهم ، وخلّى سبيلهم مع أنهم كانوا قد رموا في عسكر رسول الله صلىاللهعليهوآله بالحجارة والنبل.
وبهذا ثبت رسول الاسلام صلىاللهعليهوآله مرة اخرى أنه يحب السلام ويسعى إليه ، وانه جاء معتمرا لا معتديا ولا محاربا (١).
رغم كل هذه الامور ورغم كلّ التصلّب والتعصّب الذي أبدته القيادة القرشية المشركة ضدّ الاسلام والمسلمين وضد محاولات رسول الله صلىاللهعليهوآله السلميّة لم ييأس رسول الله صلىاللهعليهوآله من تحقيق السلام
__________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٧٨.