كانت المنطقة التي تتمركز فيها قبيلة « بني سلم » تدعى « الكدر ».
وقد بلغ النبيّ صلىاللهعليهوآله أن القبيلة المذكورة تهيّئ ، وتعدّ العدة للهجوم على مركز الاسلام وعاصمته ( المدينة ). فخرج رسول الله بنفسه من المدينة بعد أن استخلف عليها أحد أصحابه وأوكل إليه إدارة المدينة في غيابه ، وكان الذي استخلفه هذه المرّة « ابن أمّ مكتوم » ، وخرج على رأس قوة عسكرية إلى مركز تلك القبيلة فلما سمعوا بمسير القوى الاسلامية إليهم تفرقوا ، وعاد رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى المدينة من غير قتال.
ثم بعث سرية بقيادة فارس من فرسانه يدعى « غالب بن عبد الله » إلى نفس تلك المنطقة ، فوقع بينه وبينهم قتال محدود وعاد « غالب » الى المدينة ظافرا بعد أن استشهد ثلاثة من رجاله.
كان عرب الجاهلية إذا نذروا ينذرون نذورا غريبة.
فقد نذر أبو سفيان بعد معركة بدر أن لا يقارب زوجته ما لم يثأر (٢) من المسلمين لقتلى بدر فكان عليه أن يقوم بهجوم على المدينة ، ويقاتل النبيّ وأصحابه ليفي بنذره!!
فخرج من مكة في مائتي راكب فجاء بني النضير ليلا ، يطلب مشورة من أحبار اليهود.
فلما كان في وقت السحر خرج فمر بالعريض فوجد رجلا من الانصار مع أجير له فقتل الأنصاريّ ، وقتل أجيره ، وحرّق بيتا وحرثا لهم بارشاد من كبير اليهود « سلام بن مشكم » ورأى أن يمينه قد حلّت ، ثم ذهب هاربا ، وخاف
__________________
(١) قرقرة الكدر : ناحية بين المعدن وبين المدينة ، ( الطبقات ).
(٢) المغازي : ج ١ ص ١٨٢ ، الطبقات : ج ٢ ص ٣٠.