وابى أن يأخذ من كل ذلك شيئا وبقي ينتظر الوحي.
وفجأة نزل جبرئيل بهذه الآية :
« يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ » (١).
أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام ، فقد صدّوكم عن سبيل الله مع الكفر به وصدّكم عن المسجد الحرام ، واخراجكم منه وأنتم اهله أكبر عند الله من قتل من قتل منهم « والفتنة أكبر من القتل » أي ما كانوا يرتكبونه من فتنة المسلم في دينه حتّى يردّونه الى الكفر بعد إيمانه أكبر عند الله من القتل.
ولما نزل القرآن بهذا الأمر ، وفرّج الله تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الخوف والحيرة قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله الأموال ، والأسيرين وقسمها بين المسلمين ، وكانت أول غنيمة غنمها المسلمون.
وبعثت قريش الى النبيّ صلىاللهعليهوآله في فداء أصحابهم فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله :
« لن نفديهما حتّى يقدم صاحبانا ».
يعنى رجلين من المسلمين كانا قد اسرا من قبل قريش ، قد اشتركا في هذه العمليّة ولكنهما أضلا طريقهما في الصحراء فأسرتهما رجال من قريش.
وهكذا أبى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يطلق سراح أسيري قريش لقاء فدية إلاّ إذا أطلق المشركون أسيري المسلمين. قائلا لموفدي قريش :
« إنّي أخاف على صاحبيّ فإن قتلتم صاحبيّ قتلت صاحبيكم ».
فاضطرت قريش إلى الافراج عن المسلمين الأسيرين ، ومع وصولهما الى المدينة أفرج رسول الله صلىاللهعليهوآله عن أسيري قريش.
ومن حسن الحظ أنّ إحدى ذينك الأسيرين أسلم ورجع الآخر إلى مكة (٢).
__________________
(١) البقرة : ٢١٧.
(٢) المغازي : ج ١ ص ١٣ ـ ١٨ ، السيرة النبوية : ج ١ ص ٦٠٣ ـ ٦٠٥.