يشترك جميع أفراد ذلك الجيش في تلك الغنائم ، لأنهم ساهموا بأجمعهم في تلك المعركة ، وكان لكل منهم دور ومسئولية فيها ، فما كان لفريق أن يحرز نجاحا من دون أن يقوم الآخرون بأدوارهم.
من هنا قسّم رسول الله صلىاللهعليهوآله الغنائم بينهم ـ في أثناء الطريق ـ على قدم المساواة ، وفرز لذوي الشهداء أسهما منها.
ولقد أثارت طريقة النبيّ صلىاللهعليهوآله في تقسيم الغنائم ( وذلك بقسمتها على جميع المشاركين معه في معركة بدر بالتساوي ) سخط « سعد بن أبي وقاص » فقال : يا رسول الله أيعطى فارس القوم الذي يحميهم مثل ما يعطى الضعيف؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « ثكلتك أمّك ، وهل تنصرون إلاّ بضعفائكم » (١).
وهو صلىاللهعليهوآله يقصد أن هذه الحرب لم تكن إلاّ لأجل الدفاع عن الضعفاء ، ورفع الحيف عنهم ، وانه صلىاللهعليهوآله لم يبعث إلاّ لإزالة هذه الفوارق والامتيازات الظالمة ، وإلاّ لاجل اقرار المساواة في الحقوق بين الناس.
هذا ورغم أن خمس الغنيمة هي بنص آية الخمس (٢) لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى وابن السبيل من أهل بيته صلىاللهعليهوآله إلاّ أنه صلىاللهعليهوآله لم يخمّس غنائم « بدر » بل وزّع الخمس على المشاركين في بدر أيضا.
على أنه يمكن أن تكون آية الخمس لم تنزل آنذاك بعد ، أو أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يتمتع باختيارات خاصة ، فصرف النظر عن أخذ الخمس لنفسه وقرباه ، تكثيرا لأسهم المجاهدين ، وذلك ولا ريب خطوة حكيمة جدا وخاصة في أول مواجهة عسكرية مع العدوّ (٣).
__________________
(١) المغازي : ج ١ ص ٩٩.
(٢) الانفال : ١.
(٣) وجاء في بعض المصادر التاريخية ان النبيّ صلىاللهعليهوآله ضرب من الغنائم أسهما لاشخاص لم يحضروا بدر ولم يشتركوا في القتال مع رغبتهم في ذلك وذلك إما لامور أصابتهم عند الخروج