|
٦٥ اللحظات الأخيرة |
كان القلق والاضطراب يلفّ المدينة المنورة بأسرها فصحابة النبي يحيطون ببيت رسول الله صلىاللهعليهوآله بعيون باكية وقلوب حزينة ليطّلعوا على صحته ، وكانت تخرج من منزله بين الحين والآخر أخبار عن اشتداد مرضه ، وتفاقم وجعه ، لتقضي على كل أمل بتحسّن حالته ، وتجعل الناس على يقين بانه لم يبق من حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله الاّ سويعات قلائل ، وانه سرعان ما تنطفئ الشعلة المقدسة ، التي أنارت العالم بضيائها.
كان فريق من الصحابة يودّون أن يزوروا نبيّهم وقائدهم من قريب ولكن تدهور صحته ما كان ليسمح لذلك ، فلم يكن من الممكن ان يتردد على غرفته إلاّ أهل بيته خاصة.
ولقد كانت ابنته الكريمة ووديعته الوحيدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام جالسة عند فراش ابيها ، تنظر إلى وجهه المشرق كانت ترى كيف ان عرق الموت يتحدر على جبينه وخده مثل حبات اللؤلؤ ، فراحت تردد أبياتا من الشعر وقلبها يعتصره الحزن ، ويملأ عيونها دموع الاسى والحزن ويكاد يخنقها الغصة :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للارامل |
وفي هذه اللحظات بالذات فتح رسول الله صلىاللهعليهوآله عينيه وقال لابنته الزهراء بصوت خافت :
يا بنيّة هذا قول عمّك أبي طالب لا تقوليه ولكن قولي :