الموجب لسقوط الجهاد كما عرفت.
فقد شارك هذا المسلم الصادق والمؤمن المجاهد في معركة احد ، ومضى يقاتل في الصف الاول من المجاهدين ، وشارك ابنه « خلاّد بن عمرو بن الجموح » وأخو زوجته « عبد الله بن عمرو » (١) في هذا الجهاد المقدس ، واستشهدوا جميعا في تلك المعركة أيضا.
فخرجت « هند » زوجته وهي بنت عمرو بن حزام ، عمة جابر بن عبد الله الأنصاري الى « احد » وحملت أجسادهم على بعير وتوجهت بها نحو المدينة ، بمنتهى الجلادة ، ورباطة الجأشى.
وعند ما فشى في المدينة أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قتل باحد خرجت النسوة ، يتأكّدن من هذا النبأ ، فالتقت هند ببعض نساء النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ وهي عائدة من احد ـ فسألنهنّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله فقالت : خيرا ، أمّا رسول الله فصالح ، وكلّ مصيبة بعده جلل ، واتخذ الله من المؤمنين شهداء ، وقرأت قول الله تعالى : « وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً ... » !!
فسألوا : من هؤلاء؟
قالت : أخي ، وابني خلاّد ، وزوجي عمرو بن الجموح!!
فقلن لها : فأين تذهبين بهم؟
قالت : إلى المدينة اقبرهم بها .. ثم زجرت بعيرها تحثه على السير قائلة : حل .. حل في نبرة صامدة.
ومرة اخرى يظهر في هذه الصفحة الناصعة من تاريخ الاسلام نموذج حيّ آخر من مشاهد الثبات والصمود ، والاستقامة ، وتجاوز المصائب ، وتحمّل الآلام والشدائد في سبيل الهدف المقدّس ، وكلّ ذلك من فعل الايمان ، ونتائجه.
إن المذاهب المادية لا ولن تستطيع تربية أمثال هذه النسوة والرجال المتفانين في سبيل العقيدة ، بمثل هذا التفاني العظيم.
__________________
(١) وهو عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام الأنصاري.