لما سمع بهذه الكلمات المثيرة للشغب والفتنة رد على « ابن ابي » بكلمات قوية شجاعة اذ قال : أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك ، ومحمّد في عزّ من الرحمن ، ومودّة من المسلمين ، والله لا احبّك بعد هذا أبدا.
ثم نهض ومشى إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخبره الخبر ، فرده رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاث مرات حفظا للظاهر ، قائلا : لعلّك وهمت يا غلام ، لعلّك غضبت عليه ، لعلّه سفّه عليك.
ولكن زيدا كان يؤكّد على صحة ما أخبر به رسول الله صلىاللهعليهوآله من مقالة المنافق الخبيث « عبد الله بن ابي » ، وتحريكه للناس ضد رسول الله صلىاللهعليهوآله .
وهنا طلب عمر بن الخطاب من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يقتل « ابن ابي » قائلا : مر به عبّاد بن بشر فليقتله (١).
ولكن رسول الله صلىاللهعليهوآله أجاب عمر بقوله :
« فكيف يا عمر إذا تحدّث الناس أن محمّدا يقتل أصحابه ، لا » (٢).
ولقد مشى « عبد الله بن ابي » إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله حين بلغه أنّ « زيد بن الارقم » قد بلّغ رسول الله صلىاللهعليهوآله ما سمع منه ، فحلف
__________________
(١) تثبت دراسة حياة الخليفة الثاني أنه لم يبد في أية معركة من معارك الاسلام قوة وبسالة ، بل كان في صف المتقاعدين دائما. ولكن كلما أسّر المسلمون أحدا كان هو اول من يقترح على رسول الله صلىاللهعليهوآله بقتله ونذكر للمثال ما يلي :
أ ـ هذا المورد الذي طلب فيه من رسول الله أن يقتل ابن أبي.
ب ـ طلبه من النبي بأن يقتل حاطب بن أبي بلتعة الذي تجسس لصالح المشركين من أهل مكة في فتح مكة.
جـ ـ طلبه من رسول الله صلىاللهعليهوآله بقتل أبي سفيان الذي جاء به العباس عم النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى خيمة رسول الله صلىاللهعليهوآله قبيل فتح مكة ، وغير ذلك من الموارد التي سبقت أو التي تأتي.
(٢) امتاع الاسماع : ج ١ ص ٢٠٢.