٤ ـ أمّ عمارة :
لا ريب أن الجهاد الابتدائي مرفوع عن المرأة ساقط عنها في نظر الاسلام ، ولهذا عند ما أوفدت نساء المدينة امرأة الى رسول الله صلىاللهعليهوآله لتتحدّث معه حول الحرمان من هذه العبادة الكبرى ، فجاءت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقالت : يا رسول الله نحن نقوم بكل ما يحتاج إليه الرجال في حياتهم ، ليجاهدوا ببال فارغ ، فلم حرمنا نحن من هذه الفضيلة؟!
فأجابها رسول الله صلىاللهعليهوآله قائلا : « إنّ حسن التبعّل يعدل ذلك كله » ، وهو صلىاللهعليهوآله يشير إلى أن لهذا المنع أسبابه الطبيعية والوظيفية في طبيعة المرأة وخلقتها ، وليس هو بالتالي يعني حرمانها من شيء فان قيامها على الوجه الصحيح بخدمة زوجها وتربية أولادها تعدل الجهاد في سبيل الله (١).
بيد أن بعض النسوة المجرّبات ربما كن يخرجن من المدينة لمساعدة جنود الاسلام كسقي العطاشى ، وغسل ثياب المقاتلين ، وتضميد الجرحى. وبذلك كنّ يقدّمن خدمة مؤثرة في نصرة المسلمين ودعمهم.
تقول أمّ عمارة ( نسيبة المازنية ) : خرجت أول النهار الى « احد » وأنا أنظر ما يصنع الناس ، ومعي سقاء فيه ماء ، فانتهيت الى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو في الصحابة ، والدولة والريح للمسلمين.
فلما انهزم المسلمون انحزت الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فجعلت أباشر القتال وأذبّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بالسيف ، وأرمي بالقوس حتى خلصت إليّ الجراح.
( تقول راوية هذا الكلام ) فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور ، فقلت : يا أمّ عمارة من أصابك بهذا؟.
قالت : أقبل ابن قميئة وقد ولّى الناس عن رسول الله ، يصيح : دلّوني على
__________________
(١) اسد الغابة : ج ٥ ص ٣٩٨.