فامتنع عثمان عن الطواف احتراما لرسول الله صلىاللهعليهوآله .
ثم إن قريشا احتبست عثمان عندها ، ولعلّهم فعلوا ذلك ريثما يتوصلوا إلى حلّ ثم يطلقوه ليبلّغ الى رسول الله صلىاللهعليهوآله رأيهم.
بيعة الرضوان :
إلاّ أن إبطاء مبعوث النبيّ صلىاللهعليهوآله عن العودة من مكة أوجد قلقا شديدا في نفوس المسلمين ، خاصّة وأنه شاع أن عثمان قد قتل ، فثارت ثائرة المسلمين ، واستعدّوا للانتقام من قريش وعمد النبي صلىاللهعليهوآله أيضا إلى مخاطبتهم قائلا :
« لا نبرح حتى نناجز القوم ».
وذلك تقوية لارادة المسلمين ، وتحريكا لمشاعرهم الطاهرة.
وفي هذه اللحظات الخطيرة ، وفي ما كان الخطر على الابواب ، وبينما لم يكن المسلمون متهيئين للقتال قرر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يجدّد بيعته مع المسلمين.
فجلس رسول الله صلىاللهعليهوآله تحت شجرة ، وأخذ أصحابه يبايعونه على الاستقامة والثبات والوفاء واحدا واحدا ، ويحلفون له أن لا يتخلوا عنه أبدا ، وأن يدافعوا عن حياض الإسلام حتى النفس الأخير ، وقد سمّيت هذه البيعة ببيعة « الرضوان » التي جاء ذكرها في قوله تعالى :
« لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ، فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً » (١).
فاتضح موقف المسلمين بعد هذه البيعة ، فإمّا أن تسمح لهم قريش بدخول مكة لزيارة بيت الله المعظّم ، وإمّا أن تتصلّب في موقفها الرافض فيكون بينهم
__________________
(١) الفتح : ١٨.