فاستاء رجال ثقيف من هذا الكلام وقالوا بكل صلافة ووقاحة : لو دخل الناس كلّهم معه ما دخلنا معه.
فهزّ المقوقس رأسه ساخرا بهم وقال : أنتم في اللعب (١). بيد ان هذه الرواية لا توافق بقية المصادر التاريخية لان النبي صلىاللهعليهوآله كاتب ملوك العالم وقادته في السنة السابعة من الهجرة ، على حين كان المغيرة في معركة الخندق قد آمن ، وكان في الحديبية في صفوف المسلمين ، حتى أنه كان بينه وبين مندوب قريش المفاوض عروة بن مسعود الثقفي مشاجرة مر ذكرها عند استعراض قصة الصلح.
وعلى فرض صحة هذه الرواية لا بد من القول بأن المغيرة لم يكن في وفد ثقيف.
وفي الختام ينبغي أن نلفت نظر القارئ الكريم إلى أن الواقدي نقل نص رسالة النبي إلى عظيم القبط بصورة اخرى.
ولكن أسلوب الرسالة وعباراتها تدل على أن هذه الصورة لا أساس لها من الصحة ، لانها تتضمن تهديدا من رسول الله صلىاللهعليهوآله لعظيم القبط بالحرب والغزو اذ جاء فيه : « وأمرني ( أي الله ) بالإعذار والانذار ، ومقاتلة الكفار حتى يدينوا بديني » (٢).
وممّا لا شك فيه أن هذا غير صحيح لأن امكانيات المسلمين في ذلك اليوم لم تكن لتسمح لهم بمقاتلة المكيين فكيف يغزو « مصر » وهي منطقة نائية جدا.
هذا مضافا إلى أن صدور مثل هذا الكلام عن النبي في أول دعوة له إلى الاسلام لا يتلاءم ونفسية وخلق ذلك الرجل العظيم الذي كان يقدّر الظروف آنذاك أفضل من غيره.
__________________
(١) السيرة الدحلانية : ج ٣ ص ٧٠.
(٢) فتوح الشام : ج ٢ ص ٢٣.