عنقه وألقوه في بئر ، فقدم جماعة من زعماء اليهود المدينة ودخلوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخبروه بهذه العملية الغادرة المجهول فاعلها ، وتقدم الى رسول الله صلىاللهعليهوآله أيضا « عبد الرحمن » اخو عبد الله بن سهل وابنا عمّه وكان عبد الرحمن من أحدثهم سنا وكان صاحب الدّم فلما تكلّم قبل ابني عمّه قال رسول الله : الكبر الكبر ( أي قدّموا الاكبر للكلام إرشادا إلى الأدب في تقديم الأسنّ وهو خلق يدعو إليه الاسلام ).
فذكروا لرسول الله صلىاللهعليهوآله قتل صاحبهم وطلبوا القصاص فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
« أتسمّون قاتلكم ، ثم تحلفون عليه خمسين يمينا فنسلّمه إليكم ».
وحمل هذا التعليم النبوي أولياء الدم على أن يجعلوا التقوى والورع نصب أعينهم ولم يستسلموا لثورة العاطفة فقالوا : يا رسول الله ما كنّا لنحلف على ما لا نعلم.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
« أفيحلفون ( أي يحلف اليهود ) بالله خمسين يمينا ما قتلوه ، ولا يعلمون له قاتلا ، ثم يبرءون من دمه؟ ».
قالوا يا رسول الله ما كنا لنقبل أيمان اليهود ، ما فيهم من الكفر أعظم من أن يحلفوا على إثم.
فكتب رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى يهود خيبر كتابا فيه : انه قد وجد قتيل بين أبياتكم فدوه ( أي أعطوا ديته ).
فكتبوا إليه يحلفون بالله ما قتلوه ، ولا يعلمون له قاتلا.
فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن المشكلة قد وصلت إلى طريق مسدودة وداه بنفسه من عنده مائة ناقة (١).
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٥٤ ـ ٣٥٦.