أجل ، لقد حملت « بنو بكر » ومن ساعدهم من رجال قريش بتحريك من زعامة مكة على « خزاعة » ليلا ، وكان بعضهم نياما ، والبعض الآخر يتهجد ويعبد الله ليلا ، فقتلوا من خزاعة جماعة ، وأسروا آخرين ، وغادر ـ منهم ـ فريق منازلهم تحت جنح الظلام ، ولجئوا إلى مكة التي كانت للعرب يومئذ منطقة أمن لا يجيزون الاعتداء فيها على لاجئ إليها ، ودخل الذين لجئوا إلى الحرم دار « بديل بن ورقاء » (١) وشكوا إليه ما حلّ بهم على ايدي رجال قريش ، وحلفائهم من بني كنانة ليلا ، من قتل وأسر وتشريد!!
كما وعد المظلومون من خزاعة إبلاغ مظلمتهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فارسلوا رئيسهم : « عمرو بن سالم » فقدم المدينة على رسول الله صلىاللهعليهوآله فوقف عليه وهو صلىاللهعليهوآله جالس في المسجد بين ظهرانيي الناس ، وأخبره بما لحق بحلفائه من خزاعة على أيدي بني بكر من كنانة بتحريك وتحريض من قريش ، وأنشد أبياتا يستغيث فيها برسول الله صلىاللهعليهوآله اذ قال :
يا ربّ إني ناشد محمّدا |
|
حلف أبينا وأبيه الا تلدا |
فانصر هداك الله نصرا أعتدا |
|
وادع عباد الله يأتوا مددا |
فيهم رسول الله قد تجردا |
|
إن سيم خسفا وجهه تربّدا |
في فيلق كالبحر يجري مزبدا |
|
إنّ قريشا اخلفوك الموعدا |
ونقضوا ميثاقك المؤكّدا |
|
وجعلوا لي في كداء رصدا |
هم بيتونا بالوتير هجّدا |
|
وقتلونا ركّعا وسجّدا |
وقد كان « ابن سالم » يعيد البيت الأخير ويكرّره إثارة لمشاعر المسلمين ، ويكرّر عبارة : قتلنا وقد أسلمنا.
__________________
(١) كان بديل من شخصيات « خزاعة » من ذوي السن والشرف فيهم ، وكان يعيش في مكة ، وكان له من العمر آنذاك ٩٧ عاما ( أمالي الطوسي : ص ٢٣٩ ).