كبرى مثل « عبد الله بن مسعود » و « حجر بن عدي » و « مالك الاشتر » تتقدم نحو تلك المنطقة.
رأى « عبد الله » من بعيد مشهدا عجيبا ... مشهد جسد بلا روح على قارعة الطريق ، وعند ذلك الجسد امرأة وصبيّ وهما يبكيان.
فعطف « عبد الله » زمام راحلته نحو ذينك الشخصين وتبعه من معه في القافلة أيضا ، وما أن وقعت عينا عبد الله على ذلك الجسد حتى عرف صاحبه ، فهذا هو رفيقه وأخوه في الاسلام أبو ذر!!
فاغرورقت عيناه بالدموع ، ووقف عند جثمان أبي ذر ، وتذكّر نبوءة رسول الاسلام صلىاللهعليهوآله في غزوة تبوك وقال : رحم الله أبا ذر يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده ».
ثم صلى ابن مسعود على أبي ذر ، ثم واراه الثرى ، وبعد أن فرغ من دفنه ، وقف مالك الاشتر عند قبره وقال :
اللهمّ إنّ هذا صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله عبدك في العابدين ، وجاهد فيك المشركين ، لم يغيّر ولم يبدّل لكنّه رأى غريبا منكرا فغيّره بلسانه وقلبه ، حتى جفي ونفي وحرم واحتقر ثم مات وحيدا غريبا (١).
وقد اشار السبكى في ابيات له إلى هذا كما في السيرة الحلبية :
وعاش أبو ذر كما قلت وحده |
|
ومات وحيدا في بلاد بعيدة |
__________________
(١) ذكر المؤرخون قصة وفاة أبي ذر ودفنه بصور مختلفة ، فيستفاد من بعض المصادر التاريخية أن أبا ذر كان على قيد الحياة عند ما قدمت القافلة المذكورة وتحدث مع رجالها ، ولكن بعض المصادر الاخرى تنص على أنه مات قبل قدوم تلك القافلة الى تلك المنطقة كما أنه صرح البعض أن زوجة أبي ذر وابنه حملا جثمانه إلى قارعة الطرق بينما قال آخرون أن زوجته وابنه جلسا على قارعة الطريق ودلاّ القافلة على محل جثمانه الطاهر ، راجع للوقوف على ذلك الطبقات الكبرى : ج ٤ ص ٣٤ ـ ٢٣٢ ، والدرجات الرفيعة : ص ٥٣.