« أتى به » أو « يأتون به » والمعنى حينئذٍ « فأتوا بالعمل ما استطعتم » والمقصود منه تكرار العمل بقدر الاستطاعة وتكون الرواية ناظرة حينئذٍ إلى الأفراد أيضاً.
الرابع : ما ذكره في مصباح الاصول من أن تكون كلمة « من » بيانية وكلمة « ما » موصولة فيكون حاصل المعنى : إنّه إذا أمرتكم بطبيعة فأتوا ما استطعتم من أفرادها (١).
هذه هى الاحتمالات المتصوّرة في الرواية ، ولا يخفى أنّ الاحتمال الأخير ممّا لا وجه له ولا معنى محصّل له ، لأنّه لا معنى لأن يكون الضمير ( في كلمة « منه » ) بياناً لكلمة « ما الموصولة » فإنّ الضمير لا يكون بياناً بل يحتاج إلى البيان.
وأمّا الاحتمالات الثلاثة الاخر فالمفيد بالمقصود ( كما مرّ ) إنّما هو الاحتمال الثاني ، ولكنّه لا يناسب مورد الرواية كما قلنا.
نعم يمكن أن يقال : إنّ كلمة « شيء » في الرواية مطلق يشمل كلّ ما يكون ذات أجزاء سواء كانت مستقلّة كما في صيام رمضان أو غير مستقلّة كما في أجزاء الصّلاة.
وإن شئت قلت : يتصوّر الجزء في الطبيعة ذات الأفراد كما يتصوّر في المركّب ذات الأجزاء ، حيث إنّ الفرد بعض من الطبيعة وفي الحقيقة جزء منها ، وحينئذٍ مقتضى هذا الاطلاق وجوب الإتيان بالباقي في كلا الموردين ، ولا تضرّنا خصوصيّة المورد لأنّ المورد لا يخصّص.
هذا بالنظر إلى كلمة « من » ، وأمّا بالنسبة إلى كلمة « ما » فحيث إنّه يتحمّل أن تكون موصولة ومفعولاً لقوله : « فأتوا » ، أي فأتوا منه شيئاً استطعتم ، ويحتمل أن تكون مصدريّة زمانيّة ، والمعنى حينئذٍ : فأتوا به ما دمتم قادرين أو ما دمتم على الاستطاعة ، فلا يمكن الاستدلال بالرواية على المطلوب لإجمالها حينئذٍ.
والوجه في ذلك أنّه يتعيّن الاحتمال الثاني بناءً على نسخة النسائي والبحار ، أي نسخة « فأتوا به » ( فيكون حاصل المعنى حينئذٍ خذوا به ما دمتم على الاستطاعة ) لأنّ مفعول « فأتوا به » إنّما هو كلمة « به » ولا يمكن أن تكون كلمة « ما » مفعولاً آخر له حتّى تكون موصولة ، كما يتعيّن الاحتمال الأوّل بناءً على النسخة الاخرى أي نسخة « فأتوا منه » لأنّ « ما » حينئذٍ يكون
__________________
(١) راجع مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٤٧٩ ، طبع مكتبة الداوري.