مفعولاً لقوله « فأتوا » ولا يمكن أن تكون مصدريّة زمانيّة كما لا يخفى ، وحيث إنّ نسخ الحديث مختلفة فيصير مجملاً لا يمكن الاستدلال به.
هذا مضافاً إلى أنّ التمسّك بهذا الحديث لإثبات مطلوبيّة الباقي يستبطن الدور المحال ، لأنّ كون الأجزاء الباقية مقدورة ومستطاعة للمكلّف شرعاً متوقّف على كونها واجدة للملاك ، وهذا في المركّبات الشرعيّة لا يحرز إلاّبتعلّق الأمر بالباقي وإحراز تعدّد المطلوب من قبل ، ولا أمر في البين إلاّنفس الأمر الوارد في هذا الحديث ، فكون الباقي مقدوراً متوقّف على تعلّق أمر به ، وتعلّق الأمر به أيضاً متوقّف على كونه مقدوراً من قبل ، وهذا دور محال ، ولا مناصّ عنه إلاّبإحراز تعدّد المطلوب من قبل ، وحينئذٍ يكون الحديث مؤكّداً لحكم العقل ، وليس فيه تعبّد شرعي.
ثمّ إنّه لا إشكال في شمول هذا الحديث للتكاليف المستحبّة والواجبة معاً ، فيكون الأمر الوارد فيه وهو قوله صلىاللهعليهوآله : « فأتوا » مستعملاً في الجامع بين الوجوب والاستحباب ، ففي مورد الوجوب يكون المأمور به الإتيان بقدر الاستطاعة وجوباً ، وفي مورد الاستحباب يكون المأمور به الإتيان بقدر الاستطاعة إستحباباً ، ولا ضير في كون مورد الحديث من المستحبّات لأنّ ذيله من قبيل الكبرى الكلّية التي لا تخصّصها خصوصية المورد ، واستعمال الأمر في الجامع لا ينافي المطلوب لأنّ ظاهر الحديث إنّ حكم الميسور في كلّ من الواجب والمستحبّ حكم أصله.
هذا كلّه بالنسبة إلى دلالة الرواية الاولى.
وأمّا الرواية الثانية وهى قوله صلىاللهعليهوآله : « الميسور لا يسقط بالمعسور » فتقريب الاستدلال بها واضح ، لكن يرد عليه :
أوّلاً : بمثل ما اورد على الحديث الأوّل من أنّ كلمة « الميسور » مردّد بين الميسور من الأفراد والميسور من الأجزاء ، فلا يمكن الاستدلال به ، لكونه خارجاً عن محلّ الكلام على أحد الاحتمالين.
لكن يمكن الجواب عن هذا بما مرّ نظيره في الحديث الأوّل ، وهو اطلاق كلمة « الميسور »