شيء منها ، والأمثلة المذكورة في توضيح كلام صاحب الجواهر ممّا لم يثبت فيه تعدّد المطلوب فليست مشمولة للقاعدة حتّى يلزم من إخراجها تخصيص الأكثر.
والشاهد على هذا ما ورد في كلام أمير المؤمنين عليهالسلام في نهج البلاغة : « ولو أقام لأخذنا ميسوره » (١) حيث إنّ الخطبة وردت فيمن ابتاع سبي بني ناجية من عامل أمير المؤمنين عليهالسلام وأعتقهم ، فلمّا طالبه بالمال خان به وهرب إلى الشام ، فيكون المورد من الامور المالية التي لا إشكال في كون الملاك فيها متعدّداً.
الأمر الثالث : قد يقال : إنّ جريان قاعدة الميسور يتوقّف على أن يصدق ميسور الطبيعة على الباقي عرفاً ، ويستدلّ له بأنّه المستفاد من قوله ( ع ) : « الميسور لا يسقط بالمعسور » بدعوى « أنّه يحتمل في بادي النظر وجوهاً أربعة : الأوّل : أنّ ميسور الطبيعة لا يسقط بمعسورها. الثاني : أنّ الاجزاء الميسورة من الطبيعة لا يسقط بالمعسور من اجزائها. الثالث : أنّ الطبيعة الميسورة لا يسقط بالمعسور من أجزائها. الرابع : عكس الثالث ، فعلى الأوّل والثالث يدلّ على المقصود وأنّه لابدّ أن يكون المأتي به صادقاً عليه الطبيعة بوجه من الوجوه ، ولا يبعد أظهريّة الاحتمال الأوّل ، ويمكن أن يقال : المتيقّن من الحديث هو ميسور الطبيعة المأمور بها » (٢).
أقول : إنّ وحدة السياق تقتضي كون المراد من المعسور نفس ما اريد من الميسور ، فيسقط حينئذٍ الاحتمال الثالث والرابع ، ويدور الأمر بين الاحتمالين الأوّلين ، والأقرب منهما هو الأوّل كما مرّ ، وهو يقتضي صدق عنوان ميسور الطبيعة عرفاً على الباقي ، ولكن لا يبقى موضوع لهذه الدعوى مع ما مرّ من أنّ الملاك إحراز تعدّد المطلوب ، وإنّ بناء العقلاء على الإتيان بالميسور فيما إذا أحرز تعدّد المطلوب ، سواء صدق على الباقي أنّه ميسور الطبيعة أم أنّه بعضها.
إلى هنا تمّ الكلام في قاعدة الميسور.
__________________
(١) نهج البلاغة : صبحي الصالح ، خ ٤٤.
(٢) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٤٠٩ ، طبع جماعة المدرّسين.