به ، ومثل الغسل إذا لم يجد الماء لتمام الغسل فلا يجوز أن يكتفي بغسل بعض الأعضاء ، استناداً إلى هذه القاعدة ، وهكذا الوضوء فيما إذا لم يجد الماء إلاّلغسل بعض الأعضاء ، وباب الحجّ إذا لم يقدر على بعض الوقوفات أو بعض الطواف ، إلى غير ذلك من أشباهها ، فلو إكتفينا بجميع ذلك للزم منها فقه جديد لا يلزم به أحد.
إن قلت : ما الوجه في كون المعيار في العمل بهذه القاعدة هو عمل الأصحاب مع أنّها عامّة؟
قلنا : الوجه في ذلك أنّ الأخذ بظاهر القاعدة وبعمومها يستلزم تخصيص الأكثر وهو مستهجن ، فيستكشف منه أنّه كان للقاعدة معنى آخر لوجود قرائن خاصّة محفوفة بها لم تصل إلينا ، وحينئذٍ لابدّ من الاكتفاء بتطبيقات أصحابنا الأقدمين رضوان الله عليهم ، وعليه يكون مصير قاعدة الميسور مصير قاعدة لا ضرر في قلّة فائدتها وسقوط عمومها عن الحجّية إلاّفيما عمل به الأصحاب ( للزوم هذا المحذور بعينه فيها أيضاً بناءً على العمل بعمومها ، وذلك لخروج مثل باب الحجّ والزكاة والجهاد وأبواب الحدود وغيرها من الواجبات المشتملة على الضرر ).
أقول : الإنصاف أنّه من المستبعد جدّاً وجود قرائن خاصّة محفوفة بخبر الميسور ( وكذلك خبر لا ضرر ) لم تصل إلينا ، والذي أوجب اختيار مثل صاحب الجواهر رحمهالله هذه الفرضيّة أنّه لم يتمكّنوا من حلّ مشكلة التخصيص بالأكثر ، ولكن الصحيح عدم لزوم هذه المشكلة لا في باب قاعدة لا ضرر ولا في المقام.
أمّا في الأوّل فلعدم كون ما يتوهّم شموله على الضرر ضررياً فإنّ مثل الزكاة والجهاد ممّا يتوقّف عليه حفظ نظام المجتمع ، ومصلحة العامّة من الأمن والأمان ، وإيجاد الطرق وتهيئة رجال الأمن والجنود ، والحجّ عزّ للإسلام يوجب شوكة المسلمين ، وهكذا غيرها من الواجبات التي مصالحها ومنافعها أكثر من المصارف المالية والجهود البدنية ، فيحكم العقل قطعاً بعد كسر وإنكسار بعدم كونها ضرريّة ، ولذا قد نشاهد نظائرها بين العقلاء من أهل العرف ، كأخذ الضرائب والمكوس لحفظ نظام المجتمع.
وأمّا قاعدة الميسور فلما مرّ من أنّها لا تدلّ على أكثر ممّا هو ثابت بين العقلاء ، وناظرة إلى إمضاء القاعدة الموجودة عندهم فيما ثبت فيه تعدّد المطلوب والملاك ، فإنّهم يتمسّكون بها فيما إذا ثبت من الخارج أنّ العمل الفلاني اشتمل على ملاكات مختلفة بين ناقص وتامّ ، بعد تعذّر