لأجل التعلّم ثمّ العمل على وفقه أو عقد القلب عليه إذا كان في اصول الدين.
نعم ، هيهنا إشكالات أوجبت الذهاب إلى الأقوال الثلاث الاخر ، وعمدتها أمران :
أحدهما : أنّ المفروض كون الجاهل عاجزاً عن العمل في مقام الامتثال فلا معنى لأن يعاقب على ترك ما لم يكن مقدوراً له ، نعم أنّه كان قادراً على التعلّم فيعاقب على تركه.
ثانيهما : ( بالنسبة إلى خصوص التكاليف المشروطة أو الموقتة ) أنّ الواقع في التكاليف المشروطة والموقتة لم ينجز على المكلّف كي يعاقب عليه ، إذ لا وجوب قبل تحقّق الشرط وقبل الوقت حتّى تكون المقدّمة ( وهى التفحّص والتعلّم ) واجبة ، وكذلك لا وجوب بعد تحقّق الشرط وبعد دخول الوقت أحياناً لعدم القدرة عليه.
أمّا الجواب عن الأوّل : فهو إنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً ولو كان منافياً له تكليفاً ، ففي ما نحن فيه فإن الواقع وإن كان مغفولاً عنه حين المخالفة ، وكان خارجاً عن تحت الإختيار ، ولكنّه بالنهاية ينتهي إلى الاختيار ، وهو ترك التعلّم عمداً حينما التفت إلى تكاليف في الشريعة ، كما هو الحال في كلّ مسبّب توليدي خارج عن تحت الاختيار إذا كان منتهياً إلى أمر اختياري ، فإذا ألقى مثلاً بنفسه من شاهق فرغم خروجه عن الاختيار بعد ذلك ، فيهلك قهراً بلا اختيار عند سقوطه على الأرض ، ولكن حيث كان الهلاك نتيجة الإلقاء الذي هو أمر اختياري فيكون مصحّحاً للعقاب على ما ليس بالاختيار.
إن قلت : تكليف العبد العاجز حين العجز بما يكون عاجزاً عنه تكليف بما لا يطاق ، وهو قبيح.
قلنا : ليس التكليف هذا تكليفاً بما لا يطاق لأنّه يكون مقدوراً له بالواسطة.
وإن شئت قلت : المعيار في العقاب وعدمه هو صحّة إسناد الترك إلى اختيار المكلّف وعدمها والإسناد ( ولو مع الواسطة ) صادق صحيح فيما إذا كان سقوط التكليف بسوء الاختيار.
وأمّا الإشكال الثاني فيمكن الجواب عنه بوجهين :
الوجه الأوّل : ما مرّ في محلّه من إمكان وجوب المقدّمة قبل وجوب ذيها ، ولا ينافي هذا كون وجوبها وجوباً ترشحياً لأنّ المراد منه الترشّح بحسب الداعوية في نفس المولى لا الترشّح تكويناً ، والأوّل يحصل بمجرّد تصوّر المولى وجوب ذي المقدّمة في المستقبل أيضاً ، فهو